Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 55-58)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول : { فَبأيّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارَى } يقول تعالى ذكره : فبأيّ نعمات ربك يا ابن آدم التي أنعمها عليك ترتاب وتشكّ وتجادل ، والآلاء : جمع إلى . وفي واحدها لغات ثلاثة : إليٌ على مثال عِليٌ ، وألْيّ على مثال عَلْيٌ ، وأَلى على مثال علا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَبأيّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارَى } يقول : فبأيّ نِعَم الله تتمارى يا ابن آدم . وحدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { فَبأَيّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارَى } قال : بأيّ نِعم ربك تتمارَى . وقوله : { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى } اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى } ووصفه إياه بأنه من النذر الأولى وهو آخرهم ، فقال بعضهم : معنى ذلك : أنه نذير لقومه ، وكانت النذر الذين قبله نُذراً لقومهم ، كما يقال : هذا واحد من بني آدم ، وواحد من الناس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى } قال : أنذر محمد صلى الله عليه وسلم كما أُنذرت الرسل من قبله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى } إنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بما بعث الرسل قبله . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن شريك ، عن جابر ، عن أبي جعفر { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُر الأُولى } قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : معنى ذلك غير هذا كله ، وقالوا : معناه هذا الذي أنذرتكم به أيها القوم من الوقائع التي ذكرت لكم أني أوقعتها بالأمم قبلكم من النذر التي أنذرتها الأمم قبلكم في صحف إبراهيم وموسى . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي مالك { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُر الأُولى } قال : مما أنذروا به قومهم في صحف إبراهيم وموسى . وهذا الذي ذكرت ، عن أبي مالك أشبه بتأويل الآية ، وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر ذلك في سياق الآيات التي أخبر عنها أنها في صحف إبراهيم وموسى نذير من النُّذر الأولى التي جاءت الأمم قبلكم كما جاءتكم ، فقوله : { هَذَا } بأن تكون إشارة إلى ما تقدمها من الكلام أولى وأشبه منه بغير ذلك . وقوله : { أزِفَتِ الآزِفَةُ } يقول : دنت الدانية . وإنما يعني : دنت القيامة القريبة منكم أيها الناس يقال منه : أزف رَحيل فلان : إذا دنا وقَرُب ، كما قال نابغة بني ذُبيان : @ أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيرَ أنَّ رِكابَنا لَمَّا تَزُلْ بِرِحالِنا وكأنْ قَدِ @@ وكما قال كعب بن زُهَير : @ بانَ الشَّبابُ وأمْسَى الشِّيبُ قَدْ أزِفا وَلا أرَى لشَبابٍ ذَاهِبٍ خَلَفَا @@ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { أزِفَتِ الآزِفَةِ } من أسماء يوم القيامة ، عظَّمه الله ، وحذّره عباده . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قالا : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { أزِفَتِ الآزِفَةُ } قال : اقتربت الساعة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أزِفَتِ الآزِفَةُ } قال : الساعة { لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ } . وقوله : { لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ } يقول تعالى ذكره : ليس للآزفة التي قد أزفت ، وهي الساعة التي قد دنت من دون الله كاشف ، يقول : ليس تنكشف فتقوم إلاَّ بإقامة الله إياها ، وكشفها دون من سواه من خلقه ، لأنه لم يطلع عليها مَلَكاً مقرّباً ، ولا نبياً مرسلاً . وقيل : كاشفة ، فأنثت ، وهي بمعنى الانكشاف كما قيل : { فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ } بمعنى : فهل ترى لهم من بقاء وكما قيل : العاقبة وماله من ناهية ، وكما قيل { لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ } بمعنى تكذيب ، { وَلا تَزَالُ تَطَّلعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ } بمعنى خيانة .