Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 29-31)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : فنادت ثمود صاحبهم عاقر الناقة قدار بن سالف ليعقر الناقة حضًّا منهم له على ذلك . وقوله : { فَتَعاطَى فَعَقَرَ } يقول : فتناول الناقة بيده فعقرها . وقوله : { فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } يقول جلّ ثناؤه لقريش : فكيف كان عذابي إياهم معشر قريش حين عذّبتهم ألم أهلكهم بالرجفة . ونُذُرِ : يقول : فكيف كان إنذاري من أنذرت من الأمم بعدهم بما فعلت بهم وأحللت بهم من العقوبة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَتَعاطَى فَعَقَرَ } قال : تناولها بيده { فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } قال : يقال : إنه ولد زنية فهو من التسعة الذين كانوا يُفسدون في الأرض ، ولا يصلحون ، وهم الذين قالوا لصالح { لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهْلَهُ } ولنقتلنهم . وقوله : { إنَّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً } وقد بيَّنا فيما مضى أمر الصيحة ، وكيف أتتهم ، وذكرنا ما روي في ذلك من الآثار ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وقوله : { فكانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِر } يقول تعالى ذكره فكانوا بهلاكهم بالصيحة بعد نضارتهم أحياء ، وحسنهم قبل بوارهم كيَبِس الشجر الذي حظرته بحظير حظرته بعد حُسن نباته ، وخُضرة ورقه قبل يُبسه . وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله : { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } فقال بعضهم : عنى بذلك : العظام المحترقة ، وكأنهم وجَّهوا معناه إلى أنه مَثَّلَ هؤلاء القوم بعد هلاكهم وبلائهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرته . ذكر من قال ذلك : حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كُدينة ، قال : ثنا قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } قال : كالعظام المحترقة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَكانُوا كَهَشِيم المُحْتَظِرِ } قال : المحترق . ولا بيان عندنا في هذا الخبر عن ابن عباس ، كيف كانت قراءته ذلك ، إلا أنا وجَّهنا معنى قوله هذا على النحو الذي جاءنا من تأويله قوله : { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } إلى أنه كان يقرأ ذلك كنحو قراءة الأمصار ، وقد يحتمل تأويله ذلك كذلك أن يكون قراءته كانت بفتح الظاء من المحتظر ، على أن المحتظر نعت للهشيم ، أضيف إلى نعته ، كما قيل : { إنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ اليَقِينِ } وقد ذُكر عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرآن ذلك كذلك ، ويتأوّلانه هذا التأويل الذي ذكرناه عن ابن عباس . حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : ثني أبي ، عن الحسن ، قال : كان قتادة يقرأ { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } يقول : المحترق . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَكأنَّهُ كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } يقول : كهشيم محترق . وقال آخرون : بل عنى بذلك التراب . الذي يتناثر من الحائط . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } قال : التراب الذي يتناثر من الحائط . وقال آخرون : بل هو حظيرة الراعي للغنم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق وأسنده ، قال { المُحْتَظِرِ } حظيرة الراعي للغنم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { كَهَشِيم المُحْتَظِرِ } المحتظر : الحظرة تتخذ للغنم فتيبس ، فتصير كهشيم المحتظر ، قال : هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع والهشيم : يابس الشجر الذي فيه شوك ذلك الهشيم . وقال آخرون : بل عني به هشيم الخيمة ، وهو ما تكسَّر من خشبها . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن مجاهد ، في قوله : { كَهَشِيم المُحْتَظِرِ } قال : الرجل يهشمِ الخيمة . وحدثني الحارث ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ } الهشيم : الخيمة . وقال آخرون : بل هو الورق الذي يتناثر من خشب الحطب . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { كَهَشِيمِ } قال : الهشيم : إذا ضربت الحظيرة بالعصا تهشم ذاك الورق فيسقط . والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً .