Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 1-5)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : الرحمن أيها الناس برحمته إياكم علمكم القرآن ، فأنعم بذلك عليكم ، إذ بصَّركم به ما فيه رضا ربكم ، وعرّفكم ما فيه سخطه ، لتطيعوه باتباعكم ما يرضيه عنكم ، وعملكم بما أمركم به ، وبتجنبكم ما يُسخطه عليكم ، فتستوجبوا بذلك جزيل ثوابه ، وتنجوا من أليم عقابه . وروي عن قتادة في ذلك ما : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان العقيلي ، قال : ثنا أبو العوام العجلي ، عن قتادة ، أنه قال في تفسير { الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ } قال : نعمة والله عظيمة . وقوله : { خَلَقَ الإنْسانَ } يقول تعالى ذكره : خلق آدم وهو الإنسان في قول بعضهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : { خَلَقَ الإنْسانَ } قال : الإنسان : آدم صلى الله عليه وسلم . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { خَلَقَ الإنْسانَ } قال : الإنسان : آدم صلى الله عليه وسلم . وقال آخرون : بل عنى بذلك الناس جميعاً ، وإنما وحد في اللفظ لأدائه عن جنسه ، كما قيل : إن الإنسان لفي خُسر والقولان كلاهما غير بعيدين من الصواب لاحتمال ظاهر الكلام إياهما . وقوله : { عَلَّمَهُ البَيانَ } يقول تعالى ذكره : علَّم الإنسان البيان . ثم اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالبيان في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عنى به بيان الحلال والحرام . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { عَلَّمَهُ البَيانَ } : علمه الله بيان الدنيا والآخرة بين حلاله وحرامه ، ليحتجّ بذلك على خلقه . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد ، عن قتادة { عَلَّمَهُ البَيانَ } الدنيا والآخرة ليحتجّ بذلك عليه . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان ، قال : ثنا أبو العوّام ، عن قتادة ، في قوله : { عَلَّمَهُ البَيانَ } قال : تَبَيَّنَ له الخيرُ والشرّ ، وما يأتي ، وما يدع . وقال آخرون : عنى به الكلام : أي أن الله عزّ وجلّ علم الإنسان البيان . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { عَلَّمَهُ البَيانَ } قال : البيان : الكلام . والصواب من القول في ذلك أن يقال : معنى ذلك : أن الله علَّم الإنسان ما به الحاجة إليه من أمر دينه ودُنياه من الحلال والحرام ، والمعايش والمنطق ، وغير ذلك مما به الحاجة إليه ، لأن الله جلّ ثناؤه لم يخصص بخبره ذلك ، أنه علَّمه من البيان بعضاً دون بعض ، بل عمّ فقال : علَّمه البيان ، فهو كما عمّ جلّ ثناؤه . وقوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بحُسْبانٍ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : الشمس والقمر بحسبان ، ومنازل لها يجريان ولا يعدوانها . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، قال : ثنا الفريابي ، قال : ثنا إسرائيل ، قال : ثنا سماك بن حرب ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : بحساب ومنازل يرسلان . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : يجريان بعدد وحساب . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : بحساب ومنازل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } : أي بحساب وأجل . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : يجريان في حساب . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : يحسب بهما الدهر والزمان لولا الليل والنهار ، والشمس والقمر لم يدرك أحد كيف يحسب شيئاً لو كان الدهر ليلاً كله ، كيف يحسب ، أو نهاراً كله كيف يحسب . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن مروان ، قال : ثنا أبو العوّام ، عن قتادة { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحسْبانٍ } قال : بحساب وأجل . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهما يجريان بقَدَر . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا عبد الله بن داود ، عن أبي الصهباء ، عن الضحاك ، في قوله : { الشَّمْسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ } قال : بقدر يجريان . وقال آخرون : بل معنى ذلك أنهما يدوران في مثل قطب الرحا . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : ثنا محمد بن يوسف ، قال : ثنا إسرائيل ، قال : ثنا أبو يحيى عن مجاهد وقال : ثنا محمد بن يوسف ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { بِحُسْبانٍ } قال : كحسبان الرحا . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { بِحُسْبانٍ } قال : كحسبان الرحا . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : الشمس والقمر يجريان بحساب ومنازل ، لأن الحسبان مصدر من قول القائل : حسبته حساباً وحسباناً ، مثل قولهم : كُفرته كفراناً ، وغُفْرته غُفْراناً . وقد قيل : إنه جمع حساب ، كما الشهبان : جمع شهاب . واختلف أهل العربية فيما رفع به الشمس والقمر ، فقال بعضهم : رفعا بحسبان : أي بحساب ، وأضمر الخبر ، وقال : وأظنّ والله أعلم أنه قال : يجريان بحساب وقال بعض من أنكر هذا القول منهم : هذا غلط ، بحسبان يرافع الشمس والقمر : أي هما بحساب ، قال : والبيان يأتي على هذا : علَّمه البيان أن الشمس والقمر بحسبان قال : فلا يحذف الفعل ويُضمر إلاَّ شاذّاً في الكلام .