Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 1-6)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني تعالى ذكره بقوله : { إذَا وَقَعَتِ الوَاقَعةُ } : إذا نزلت صيحة القيامة ، وذلك حين يُنفخ في الصور لقيام الساعة . كما : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { إذَا وَقَعتِ الوَاقِعَةُ } يعني : الصيحة . حدثنا عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { إذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةُ } الواقعة والطامة والصاخة ، ونحو هذا من أسماء القيامة ، عظَّمه الله ، وحذّره عباده . وقوله : { لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ } يقول تعالى : ليس لوقعة الواقعة تكذيب ولا مردودية ولا مثنوية ، والكاذبة في هذا الموضع مصدر ، مثل العاقبة والعافية . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ } : أي ليس لها مثنوية ، ولا رجعة ، ولا ارتداد . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ } قال : مثنوية . وقوله : { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } يقول تعالى ذكره : الواقعة حينئذٍ خافضة ، أقواماً كانوا في الدنيا ، أعزّاء إلى نار الله . وقوله : { رَافِعَةٌ } يقول : رفعت أقواماً كانوا في الدنيا وُضَعاء إلى رحمة الله وجنته . وقيل : خفضت فأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . ذكر من قال في ذلك ما قلنا : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله ، يعني العَتَكيّ ، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } يقول : تخللت كلّ سهل وجبل ، حتى أسمعت القريب والبعيد ، ثم رفعت أقواماً في كرامة الله ، وخفضت أقواماً في عذاب الله . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } قال : أسمعت القريب والبعيد ، خافضة أقواماً إلى عذاب الله ، ورافعة أقواماً إلى كرامة الله . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، قوله : { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } قال : خفضت وأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى قال : فكان القريب والبعيد من الله سواء . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } قال : سمَّعت القريب والبعيد . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى ، فكان فيها القريب والبعيد سواء . وقوله : { إذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } يقول تعالى ذكره : إذا زلزلت الأرض فحرّكت تحريكاً من قولهم السهم يرتجّ في الغرض ، بمعنى : يهتزّ ويضطرب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { إذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } يقول : زلزلها . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قول الله : { إذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } قال : زلزلت . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } يقول : زلزلت زلزلة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { إذا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } قال : زلزلت زلزالاً . وقوله : { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } يقول تعالى ذكره : فتتت الجبال فتا ، فصارت كالدقيق المبسوس ، وهو المبلول ، كما قال جلّ ثناؤه : وكانَتِ الجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً والبسيسة عند العرب : الدقيق والسويق تُلَتُّ وتُتَخَذُوا زاداً . وذُكر عن لصّ من غَطَفان أنه أراد أن يخبز ، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجيناً ، وقال : @ لا تَخْبِـــزَا خَبْــزاً وبُسَّـــا بَسَّـــا مَلْســـاً بِــــذَوْدِ الحَــلَسِــيّ مَــلْـســـا @@ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { وَبُسَّت الجِبالُ بَسًّا } يقول : فتتت فتاً . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : فتتت . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : كما يبس السويق . حدثني أحمد بن عمرو البصريّ ، قال : ثنا حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : فُتَّتْ فتاً . حدثني إسماعيل بن موسى بن بنت السديّ ، قال : أخبرنا بشر بن الحكم الأحمسيّ ، عن سعيد بن الصلت ، عن إسماعيل السديّ وأبي صالح { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : فُتتت فتاً . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { وَبُسَّتِ الجِبالِ بَسًّا } قال : كما يبس السويق . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : صارت كثيباً مهيلاً كما قال الله . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } قال : فُتتت فتاً . وقوله : { فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا } اختلف أهل التأويل في معنى الهباء ، فقال بعضهم : هو شعاع الشمس الذي يدخل من الكوّة كهيئة الغبار . ذكر من قال ذلك : حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا } يقول : شعاع الشمس . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد { هَباءً مُنْبَثًّا } قال : شعاع الشمس حين يدخل من الكوّة . قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : { فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا } قال : شعاع الشمس يدخل من الكوّة ، وليس بشيء . وقال آخرون : هو رهج الدوابّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن عليّ رضي الله عنه ، قال : رهج الدوابِّ . وقال آخرون : هو ما تطاير من شرر النار الذي لا عين له . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَكانَتْ هَباء مُنْبَثًّا } قال : الهباء : الذي يطير من النار إذا اضطرمت ، يطير منه الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئاً . وقال آخرون : هو يبيس الشجر الذي تذروه الرياح . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا } كَيبيس الشجر ، تذروه الرياح يميناً وشمالاً . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { هَباءً مُنْبَثًّا } يقول : الهباء : ما تذروه الريح من حطام الشجر . وقد بيَّنا معنى الهباء في غير هذا الموضع بشواهده ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع . وأما قوله : { مُنْبَثًّا } فإنه يعني متفرّقاً .