Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 74-80)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فسبح يا محمد بذكر ربك العظيم ، وتسميته . وقوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِع النُّجُومِ } فقال بعضهم : عُنِي بقوله : { فَلا أُقْسِمُ } : أقسم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جُبَير { فَلا أُقْسِمُ } قال : أقسم . وقال بعض أهل العربية : معنى قوله : { فَلا } فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد فقيل أُقسم . وقوله : { بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فلا أقسم بمنازل القرآن ، وقالوا : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوماً متفرّقة . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حُصَين ، عن حكيم بن جُبَير ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ، ثم فرق في السنين بعد . قال : وتلا ابن عباس هذه الآية { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } قال : نزل متفرّقاً . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، في قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ } قال : أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن عكرِمة : إن القرآن نزل جميعاً ، فوضع بمواقع النجوم ، فجعل جبريل يأتي بالسورة ، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر . حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مجاهد { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } قال : هو مُحْكَم القرآن . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } قال : مستقرّ الكتاب أوّله وآخره . وقال آخرون : بل معنى ذلك : فلا أقسم بمساقط النجوم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { بِمَواقِعِ النُّجُومِ } قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها . حدثني بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ } : أي مساقطها . وقال آخرون : بل معنى ذلك : بمنازل النجوم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } قال : بمنازل النجوم . وقال آخرون : بل معنى ذلك : بانتثار النجوم عند قيام الساعة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجومِ } قال : قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء ، وذلك أن المواقع جمع موقع ، والموقع المفعل ، من وقع يقع موقعاً ، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك ، ولذلك قلنا : هو أولى معانيه به . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة بموقع على التوحيد ، وقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين بمواقع : على الجماع . والصواب من القول في ذلك ، أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { وَإنَّهُ لَقَسمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } يقول تعالى ذكره وإن هذا القسم الذي أقسمت لقسم لو تعلمون ما هو ، وما قدره ، قسم عظيم من المؤخر الذي معناه التقديم ، وإنما هو : وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه . وقوله : { إنَّهُ لقُرآنٌ كَرِيمٌ } يقول تعالى ذكره : فلا أقسم بمواقع النجوم أن هذا القرآن لقرآن كريم ، والهاء في قوله : « إنه » من ذكر القرآن . وقوله : { فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ } يقول تعالى ذكره : هو في كتاب مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا شريك ، عن حكيم ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } الكتاب الذي في السماء . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ } قال : القرآن في كتابه المكنون الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { لا يَمُسُّهُ إلا المُطَهَّرُونَ } زعموا أن الشياطين تنزّلت به على محمد ، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك ، ولا تستطيعه ، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا ، وهو محجوب عنهم ، وقرأ قول الله : { وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله ، يعني العتكي ، عن جابر بن زيد وأبي نهيك ، في قوله : { فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ } قال : هو كتاب في السماء . قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } يقول تعالى ذكره : لا يمسّ ذلك الكتاب المكنون إلا الذين قد طهَّرهم الله من الذنوب . واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله : { إلاَّ المُطَهَّرُونَ } فقال بعضهم : هم الملائكة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : إذا أراد الله أن ينزل كتاباً نسخته السفرة ، فلا يمسه إلا المطهرون ، قال : يعني الملائكة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جُبَير { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : الملائكة الذين في السماء . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جُبَير { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : الملائكة . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جُبَير . { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : الملائكة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله ، يعني العتكي ، عن جبار بن زيد وأبي نهيك في قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } يقول : الملائكة . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكرِمة { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال الملائكة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال الملائكة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن عاصم ، عن أبي العالية { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : الملائكة . وقال آخرون : هم حملة التوراة . والإنجيل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكِرمة { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : حملة التوراة والإنجيل . وقال آخرون في ذلك : هم الذين قد طهروا من الذنوب كالملائكة والرسل . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا مروان ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، عن أبي العالية الرياحي ، في قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : ليس أنتم ، أنتم أصحاب الذنوب . حدثني يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال : الملائكة والأنبياء والرسل التي تنزل به من عند الله مطهرة ، والأنبياء مطهرة ، فجبريل ينزل به مُطَهَّر ، والرسل الذين تجيئهم به مُطَهَّرون فذلك قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } والملائكة والأنبياء والرسل من الملائكة ، والرسل من بني آدم ، فهؤلاء ينزلون به مطهرون ، وهؤلاء يتلونه على الناس مطهرون ، وقرأ قول الله { بأيْدِي سَفَرةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ } قال : بأيدي الملائكة الذين يحصون على الناس أعمالهم . وقال آخرون : عنى بذلك : أنه لا يمسه عند الله إلا المطهرون . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } ذاكم عند ربّ العالمين ، فأما عندكم فيمسه المشرك النجس ، والمنافق الرَّجِس . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : { لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ } قال لا يمسه عند الله إلا المطهرون ، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسيّ النجس ، والمنافق الرجس . وقال في حرف ابن مسعود « ما يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ » . والصواب من القول من ذلك عندنا ، أن الله جلّ ثناؤه ، أخبر أن لا يمسّ الكتاب المكنون إلا المطهرون فعمّ بخبره المطهرين ، ولم يخصص بعضاً دون بعض فالملائكة من المطهرين ، والرسل والأنبياء من المطهرين وكل من كان مطهراً من الذنوب ، فهو ممن استثني ، وعني بقوله : { إلاَّ المُطَهَّرُونَ } . وقوله : { تَنْزِيلٌ مِنْ رَبّ العالمِينَ } يقول : هذا القرآن تنزيل من ربّ العالمين ، نزّله من الكتاب المكنون . كما : حدثنا ابن حُميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله العتكي ، عن جابر بن زيد وأبي نهيك ، في قوله : { تَنْزِيلٌ مِنْ رَبّ العالَمِينَ } قال : القرآن من ذلك الكتاب .