Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 81-85)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره ، وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تلينون القول للمكذّبين به ، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر . واختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم في ذلك نحو قولنا فيه . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { أفَبِهَذَا الحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } قال : تريدون أن تمالئوهم فيه ، وتركنوا إليهم . وقال آخرون : بل معناه : أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { أفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يقول : مكذّبون غير مصدّقين . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { أنْتُمْ مُدْهِنُونَ } يقول : مكذّبون . وقوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزقَكمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } يقول : وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب ، وذلك كقول القائل الآخر : جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ ، بمعنى : جعلت : شكر إحساني ، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ . وقد ذُكر عن الهيثم بن عديّ : أن من لغة أزد شنوءة : ما رزق فلان : بمعنى ما شكر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف فيه منهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي عبد الرحمن السلميّ ، عن عليّ رضي الله عنه { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال : شكركم . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عليّ رفعه { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال : « شكركم تقولون مُطرنا بنوء كذا وكذا ، وبنجم كذا وكذا » . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكر ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عليّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبون } قال : « شُكْرَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ » ، قال : « يَقُولُونَ مُطِرْنا بنَوْءِ كَذا وكَذا » . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، قال : ما مُطر قوم قط إلا أصبح بعضهم كافراً ، يقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذَا ، وقرأ ابن عباس { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن عطية ، قال : ثنا معاذ بن سليمان ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُون } ثم قال : ما مُطر الناس ليلة قطّ ، إلا أصبح بعض الناس مشركين يقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذا . قال : وقال وتجعلون شكركم أنكم تكذّبون . حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } يقول : شكركم على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة تقولون : مُطرنا بنوء كذا وكذا قال : فكان ذلك منهم كفراً بما أنعم عليهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، قال : أحسبه أو غيره « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً ومطروا يقول : مُطرنا ببعض عثانين الأسد ، فقال : " كَذَبْتَ بَلْ هُوَ رِزْقُ اللّهِ " . حدثني يونس ، قال : أخبرنا سفيان ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللّهَ لَيُصَبِّحُ القَوْمَ بالنِّعْمَةِ ، أوْ يُمَسِّيهِمِ بِها ، فَيُصْبِحُ بِها قَوْمٌ كافِرِينَ يَقُولُونَ : مُطِرْنا بَنْوْءِ كَذَا وكَذا " قال محمد : فذكرت هذا الحديث لسعيد بن المسيب ، فقال : ونحن قد سمعنا من أبي هريرة ، وقد أخبرني من شهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يستسقي ، فلما استسقى التفت إلى العباس فقال : يا عباس يا عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كم بقي من نوء الثريا ؟ فقال : العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعاً ، قال : فما مضت سابعة حتى مُطروا . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عليّ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال : كان يقرأها « وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أنَّكُم تُكَذبُونَ » يقول : جعلتم رزق الله بنوء النجم ، وكان رزقهم في أنفسهم بالأنواء أنواء المطر إذا نزل عليهم المطر ، قالوا : رزُقنا بنوء كذا وكذا ، وإذا أمسك عنهم كذّبوا ، فذلك تكذيبهم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عطاء الخراساني ، في قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } قال : كان ناس يمطرون فيقولون : مُطرنا بنوء كذا ، مُطرنا بنوء كذا . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبونَ } قال : قولهم في الأنواء : مُطرنا بنوء كذا ونوء كذا ، يقول : قولوا هو من عند الله وهو رزقه . حُدثت ، عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } يقول : جعل الله رزقكم في السماء ، وأنتم تجعلونه في الأنواء . حدثني أبو صالح الصراري ، قال : ثنا أبو جابر « محمد بن عبد الملك الأزدي » قال : ثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم بن أبي أُمامة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " ما مُطِر قَوْمٌ مِنْ لَيْلَةٍ إلاَّ أصْبَحَ قَوْمٌ بِها كافِرِينَ ، ثم قال : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذبُون } يقول قائِلٌ مُطِرْنا بنَجْمِ كَذَا وكَذَا " . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وتجعلون حظكم منه التكذيب . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُم تُكَذّبُونَ } أما الحسن فكان يقول : بئسما أخذ قوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب به . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن ، في قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب . وقوله : { فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ } يقول تعالى ذكره : فهلا إذا بلغت النفوس عند خروجها من أجسادكم أيها الناس حلاقيمكم { وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } يقول ومن حضرهم منكم من أهليهم حينئذٍ إليهم ينظر ، وخرج الخطاب ها هنا عاماً للجميع ، والمراد به : من حضر الميت من أهله وغيرهم وذلك معروف من كلام العرب وهو أن يخاطب الجماعة بالفعل ، كأنهم أهله وأصحابه ، والمراد به بعضهم غائباً كان أو شاهداً ، فيقول : قتلتم فلاناً ، والقاتل منهم واحد ، إما غائب ، وإما شاهد . وقد بيَّنا نظائر ذلك في مواضع كثيرة من كتابنا هذا . يقول : { وَنَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ } يقول : ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم ، { وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ } . وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : قيل { فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الْحُلْقومَ وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ } كأنه قد سمع منهم ، والله أعلم : إنا نقدر على أن لا نموت ، فقال : { فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الحُلْقُوم } ، ثم قال { فَلَوْلا إنْ كُنْتُمْ غَيرَ مَدِينِينَ } أي غير مجزيين ترجعون تلك النفوس وأنتم ترون كيف تخرج عند ذلك إن كنتم صادقين بأنكم تمتنعون من الموت .