Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 12-12)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينٌ وَالمُؤْمِناتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَينَ أيْدِيهِمْ وبأيمانِهِمْ } فقال بعضهم : معنى ذلك : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ … } الآية ، ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " مِنَ المُؤْمِنِينَ مَنْ يُضِيءُ نُورُهُ مِن المَدِينَةِ إلى عَدَنَ أبَيْنَ فَصَنْعاءَ ، فَدُونَ ذلكَ ، حتى إنَّ مِنَ المُؤْمِنِينَ مَنْ لا يُضِيء نُورُهُ إلاَّ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ " . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، بنحوه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت أبي يذكر عن المنهال ، عن عمرو ، عن قيس بن سكن ، عن عبد الله ، قال : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم ، وأدناهم نوراً على إبهامه يطفأ مرة ويقدُ مرّة . وقال آخرون : بل معنى ذلك : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى إيمانهم وهداهم بين أيديهم ، وبأيمانهم : كتبهم . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { يَسْعَى نُورُهُمْ بَينَ أيْدِيهِمْ وَبأيمانِهِمْ } : كتبهم ، يقول الله : فأما من أوتي كتابه بيمينه ، وأما نورهم فهداهم . وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن الضحاك ، وذلك أنه لو عنى بذلك النور الضوء المعروف ، لم يخصّ عنه الخبر بالسعي بين الأيدي والأيمان دون الشمائل ، لأن ضياء المؤمنين الذي يؤتونه في الآخرة يضيء لهم جميع ما حولهم ، وفي خصوص الله جلّ ثناؤه الخبر عن سعيه بين أيديهم وبأيمانهم دون الشمائل ، ما يدلّ على أنه معنيّ به غير الضياء ، وإن كانوا لا يخلون من الضياء . فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا : وكلاًّ وعد الله الحسنى يوم ترون المؤمنين والمؤمنات يسعى ثواب إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم ، وفي أيمانهم كتب أعمالهم تتطاير . ويعني بقوله : { يَسْعَى } يمضي ، والباء في قوله : { وبأيمانِهِمْ } بمعنى في . وكان بعض نحويي البصرة يقول : الباء في قوله : { وبأيمانِهِمْ } بمعنى على أيمانهم . وقوله : { يَومَ تَرَى } من صلة وعد . وقوله : { بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ } يقول تعالى ذكره يقال لهم : بشارتكم اليوم أيها المؤمنون التي تبشرون بها جنات تجري من تحتها الأنهار ، فأبشروا بها . وقوله : { خالِدِينَ فِيها } يقول : ماكثين في الجنات ، لا ينتقلون عنها ولا يتحولون . وقوله : { ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيم } يقول : خلودهم في الجنات التي وصفها هو النجح العظيم الذي كانوا يطلبونه بعد النجاة من عقاب الله ، ودخول الجنة خالدين فيها .