Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { أَلمْ يَأَنِ للَّذِينَ آمَنُوا } : ألم يحن للذين صدّقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله ، فتخضع قلوبهم له ، ولما نزل من الحقّ ، وهو هذا القرآن الذي نزّله على رسوله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { أَلَمْ يَأَنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ } قال : تطيع قلوبهم . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة { ألَمْ يأَنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { أَلَمْ يأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ … } الآية . ذُكر لنا أن شدّاد بن أوس كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن أوَّلَ ما يُرْفَعُ مِنَ النَّاس الخُشُوعُ " . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : كان شدّاد بن أوس يقول أوّل ما يرفع من الناس الخشوع . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وَما نَزَلَ مِنَ الحَقّ } فقرأته عامة القرّاء غير شيبة ونافع بالتشديد « نَزَّل » ، وقرأه شيبة ونافع ، { وما نزل } بالتخفيف ، وبأيّ القراءتين قرأ القارىء فمصيب ، لتقارب معنييهما . وقوله : { وَلا يَكُونُوا كالَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْل فَطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ } يقول تعالى ذكره : ألم يأن لهم أن ولا يكونوا ، يعني الذين آمنوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم { كالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ } يعني من بني إسرائيل ، ويعني بالكتاب الذي أوتوه من قبلهم التوراة والإنجيل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا جرير ، عن مُغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، قال : جاء عتريس ابن عرقوب إلى ابن مسعود ، فقال : يا عبد الله هلك من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر ، فقال عبد الله : هلك من لم يعرف قلبه معروفاً ، ولم ينكر قلبه منكراً ، إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد ، وقست قلوبهم اخترعوا كتاباً من بين أيديهم وأرجلهم ، استهوته قلوبهم ، واستحلته ألسنتهم ، وقالوا : نعرض بني إسرائيل على هذا الكتاب ، فمن آمن به تركناه ، ومن كفر به قتلناه قال : فجعل رجل منهم كتاب الله في قرن ، ثم جعل القَرَن بين ثندُوَتَيْهِ فلما قيل له : أتؤمن بهذا ؟ قال : آمنت به ، ويومىء إلى القرن الذي بين ثندُوَتَيْهِ ، ومالي لا أومن بهذا الكتاب ، فمن خير مللهم اليوم ملة صاحب القرن . ويعني بقوله : { فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ } ما بينهم وبين موسى صلى الله عليه وسلم ، وذلك الأمد الزمان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : { الأَمَدُ } قال : الدهر . وقوله : { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } عن الخيرات ، واشتدّت على السكون إلى معاصي الله { وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ } يقول جلّ ثناؤه : وكثير من هؤلاء الذين أوتوا الكتاب من قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فاسقون .