Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 22-22)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في الأرض بجدوبها وقحوطها ، وذهاب زرعها وفسادها { وَلا فِي أنْفُسِكُمْ } بالأوصاب والأوجاع والأسقام { إلاَّ فِي كِتابٍ } يعني إلا في أمّ الكتاب { مِنْ قَبْل أنْ نَبْرأها } يقول : من قبل أن نبرأ الأنفس ، يعني من قبل أن نخلقها . يقال : قد برأ الله هذا الشيء ، بمعنى : خلقه فهو بارئه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أنْفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أنْ نَبْرَأَها } قال : هو شيء قد فرغ منه من قبل أن نبرأ النفس . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثن سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ } أما مصيبة الأرض : فالسنون . وأما في أنفسكم : فهذه الأمراض والأوصاب { مِنْ قَبْلِ أن نَبْرَأَها } : من قبل أن نخلقها . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ } قال : هي السنون { وَلا فِي أنْفُسِكُمْ } قال : الأوجاع والأمراض . قال : وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدَش عود ، ولا نَكْبة قدم ، ولاخَلَجَانُ عِرْقٍ إلا بذنب ، وما يعفو عنه أكثر . حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن منصور بن عبد الرحمن ، قال : كنت جالساً مع الحسن ، فقال رجل : سله عن قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَة فِي الأرْضِ وَلا في أنْفُسِكُم إلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْل أنْ نَبْرَأها } فسألته عنها ، فقال : سبحان الله ، ومن يشكّ في هذا ؟ كلّ مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن تبرأ النسمة . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أنْفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْل أن نبرَأها } يقول : هو شيء قد فرغ منه من قبل أن نبرأها : من قبل أن نبرأ الأنفس . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله جلّ ثناؤه : { فِي كِتابٍ مِنْ قَبْل أنْ نَبْرَأها } قال : من قبل أن نخلقها ، قال : المصائب والرزق والأشياء كلها مما تحبّ وتكره فرغ الله من ذلك كله قبل أن يبرأ النفوس ويخلقها . وقال آخرون : عُنِي بذلك : ما أصاب من مصيبة في دين ولا دنيا . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أنْفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْل أنْ نَبْرَأَها } يقول : في الدين والدنيا إلا في كتاب من قبل أن نخلقها . واختلف أهل العربية في معنى { في } التي بعد قوله : { إلا } فقال بعض نحويّي البصرة : يريد والله أعلم بذلك : إلا هي في كتاب ، فجاز فيه الإضمار . قال : ويقول : عندي هذا ليس إلا يريد إلا هو . وقال غيره منهم ، قوله : { فِي كِتابٍ } من صلة ما أصاب ، وليس إضمار هو بشيء ، وقال : ليس قوله عندي هذا ليس إلا مثله ، لأن إلاّ تكفي من الفعل ، كأنه قال : ليس غيره . وقوله : { إنَّ ذلكَ على اللّهِ يَسِيرٌ } يقول تعالى ذكره : إن خلق النفوس ، وإحصاء ما هي لاقية من المصائب على الله سهل يسير .