Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 23-23)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره : ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في أموالكم ولا في أنفسكم ، إلا في كتاب قد كُتب ذلك فيه من قبل أن نخلق نفوسكم { لِكَيْلا تَأسُوْا } يقول : لكيلا تحزنوا { على ما فاتَكُمْ } من الدنيا ، فلم تدركوه منها { وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } منها . ومعنى قوله : { بِما آتاكُمْ } إذا مدّت الألف منها : بالذي أعطاكم منها ربكم وملَّككم وخَوَّلكم وإذا قُصرت الألف ، فمعناها : بالذي جاءكم منها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس { لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتَكُمْ } من الدنيا { وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } منها . حُدثت عن الحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا إسحاق بن منصور ، عن قيس ، عن سماك ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { لِكَيْلا تَأسَوْا على ما فاتَكُمْ } قال : الصبر عند المصيبة ، والشكر عند النعمة . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سماك البكري ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتَكُمْ } قال : ليس أحد إلا يحزن ويفرح ، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبراً ، ومن أصابه خير فجعله شكراً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ : { لِكَيْلا تَأْسَوْا على ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ } قال : لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا ، ولا تفرحوا بما آتاكم منها . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { بِما آتاكُمْ } فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والكوفة { بِما آتاكُمْ } بمدّ الألف . وقرأه بعض قرّاء البصرة « بِما أتاكُمْ » بقصر الألف وكأن من قرأ ذلك بقصر الألف اختار قراءته كذلك ، إذ كان الذي قبله على ما فاتكم ، ولم يكن على ما أفاتكم ، فيردّ الفعل إلى الله ، فألحق قوله : « بِمَا أتاكُمْ » به ، ولم يردّه إلى أنه خبر عن الله . والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان صحيح معناهما ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وإن كنت أختار مدّ الألف لكثرة قارئي ذلك كذلك ، وليس للذي اعتلّ به منه معتلو قارئيه بقصر الألف كبير معنى ، لأن ما جعل من ذلك خبراً عن الله ، وما صرف منه إلى الخبر عن غيره ، فغير خارج جميعه عند سامعيه من أهل العلم أنه من فعل الله تعالى ، فالفائت من الدنيا من فاته منها شيء ، والمدرك منها ما أدرك عن تقدّم الله عزّ وجلّ وقضائه ، وقد بين ذلك جلّ ثناؤه لمن عقل عنه بقوله : { ما أصَابَ مِنْ مُصيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أنْفُسِكُم إلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أنْ نَبْرَأَها } فأخبر أن الفائت منها بإفاتته إياهم فاتهم ، والمدرك منها بإعطائه إياهم أدركوا ، وأن ذلك محفوظ لهم في كتاب من قبل أن يخلقهم . وقوله : { واللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخورٍ } يقول : والله لا يحبّ كلّ متكبر بما أوتي من الدنيا ، فخور به على الناس .