Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ } يا محمد { قَوْلَ الَّتي تجادلُكَ فِي زَوْجِها } والتي كانت تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها امرأة من الأنصار . واختلف أهل العلم في نسبها واسمها ، فقال بعضهم : خولة بنت ثعلبة ، وقال بعضهم : اسمها خُوَيلة بنت ثعلبة . وقال آخرون : هي خويلة بنت خويلد . وقال آخرون : هي خويلة بنت الصامت . وقال آخرون : هي خويلة ابنة الدليج وكانت مجادلتها رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها ، وزوجها أوس بن الصامت ، مراجعتها إياه في أمره ، وما كان من قوله لها : أنتِ عليّ كظهر أمي . ومحاورتها إياه في ذلك ، وبذلك قال أهل التأويل ، وتظاهرت به الرواية . ذكر من قال ذلك ، والآثار الواردة به : حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا أبو داود ، قال : سمعت أبا العالية يقول : إن خويلة ابنة الدليج أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شقّ رأسه ، فقالت : يا رسول الله ، طالت صحبتي مع زوجي ، ونفضت له بطني ، وظاهَرَ مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حَرُمْتِ عَلَيْهِ " فقالت : أشكو إلى الله فاقتي ، ثم قالت : يا رسول الله طالت صحبتي ، ونفضت له بطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حَرُمْتِ عَلَيْهِ " فجعل إذا قال لها : " حرمت عليه " هتفت وقالت : أشكو إلى الله فاقتي ، قال : فنزل الوحي ، وقد قامت عائشة تغسل شقّ رأسه الآخر ، فأومأت إليها عائشة أن اسكتي ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات ، فلما قضي الوحي ، قال : " ادْعي زَوْجَكِ " فَتَلاها عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ واللَّهُ يَسْمَع تَحاوُرَكُما } … إلى قوله : { والَّذِين يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا } قالُوا : أي يرجع فيه { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أن يَتَماسَّا } أتَسْتَطَيعُ رَقَبَةً ؟ قال : لا ، قال : { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ } قال : يا رسول الله ، إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرّات خشيت أن يعشو بصري قال : { فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فإطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } قال : " أتَسْتَطيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ " قال : لا يا رسول الله إلا أن تعينني ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، . قال : ذُكر لنا أن خويلة ابنة ثعلبة ، وكان زوجها أوس بن الصامت قد ظاهر منها ، فجاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ظاهر مني زوجي حين كبر سني ، ورقّ عظمي فأنزل الله فيها ما تسمعون : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } فقرأ حتى بلغ { لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظاهرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قالُوا } يريد أن يغشى بعد قوله ذلك ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " أتَسْتَطِيعُ أنْ تحَرّرَ مُحَرَّراً ؟ " قال : مالي بذلك يدان ، أو قال : لا أجد ، قال : " أتَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْن مُتَتَابِعَيْنِ ؟ " قال : لا والله إنه إذا أخطأه المأكل كل يوم مراراً يكلّ بصره ، قال : " أتَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ " قال : لا والله ، إلا أن تعينني منك بعون وصلاة . قال بشر ، قال يزيد : يعني دعاء فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ، فجمع الله له ، والله غفور رحيم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ واللَّهُ يَسْمَع تَحاوُرَكُما } قال : ذاك أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خويلة ابنة ثعلبة قالت : يا رسول كبر سني ، ورق عظمي ، وظاهر مني زوجي ، قال : فأنزل الله : { الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهمْ } إلى قوله { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا } قالُوا يريد أن يغشى بعد قوله { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أنْ يَتَماسَّا } فدعاه إليه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً ؟ قال : لا قال : أفَتَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْن مْتَتابِعينَ ؟ قال : إنه إذا أخطأه أن يأكل كلّ يوم ثلاث مرّات يكلّ بصره قال : أتَسْتَطَيعُ أنْ تْطُعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ قال : لا ، إلا أن يعينني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعون وصلاة ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً ، وجمع الله له أمره ، والله غفور رحيم " حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي حمزة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية : أنت عليّ كظهر أمي حَرُمت في الإسلام ، فكان أوّل من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت ، وكانت تحته ابنة عمّ له يقال لها خويلة بنت خُوَيلد وظاهر منها ، فأُسْقِطَ في يديه وقال : ما أراكِ إلا قد حَرُمْتِ عليّ ، وقالت له مثلَ ذلك ، قال : فانطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدتْ عنده ماشطة تمشطُ رأسه ، فأخبرته ، فقال : " يا خُوَيْلَة ما أمرْنا فِي أمْرِكِ بِشَيْءٍ " فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا خُوَيْلَةُ أبْشِرِي " قالت : خيراً ، قال : فقرأ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } . … إلى قوله : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أنُ يَتَماسَّا } قالت : وأيُّ رقبة لنا ، والله ما يجد رقبة غيري ، قال : { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَين } قالت : والله لولا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرّات لذهب بصره ، قال : { فَمَنْ لم يَستَطِعْ فإطعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } قالت : من أين ؟ ما هي إلا أكلة إلى مثلها ، قال : فرعاه بشطر وَسْق ثلاثين صاعاً والوَسْق ستون صاعاً فقال : " لِيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَلِيُرَاجِعْكِ " . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } … إلى قوله : { فإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } وذلك أن خولة بنت الصامت امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها ، فقال : أنت عليّ مثل ظهر أمي ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي كان تزوّجني ، وأنا أحَبّ ، حتى إذا كبرت ودخلت في السنّ قال : أنت عليّ مثل ظهر أمي ، فتركني إلى غير أحد ، فإن كنت تجد لي رُخصة يا رسول الله تَنْعَشني وإياه بها فحدّثني بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أُمِرْتُ فِي شأنِكِ بِشَيْءٍ حتى الآنَ ، وَلَكِنْ ارْجِعي إلى بَيْتِكِ ، فإنْ أُومَرْ بِشَيْءٍ لا أغْمِمْهُ عَلَيْكِ إنْ شاءَ اللَّهُ " فرجعت إلى بيتها ، وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } … إلى قوله : { وَللكافِرِينَ عَذَابٌ أليمٌ } فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها فلما أتاه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أرَدْتَ إلى يَمِينِكَ الَّتِي أقْسَمْتَ عَلَيْها ؟ " فقال : وهل لها كفَّارة ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هَلْ تَسْتَطيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً ؟ " قال : إذاً يذهب مالي كله ، الرقبة غالية وأنا قليل المال ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فَهَلْ تَسْتَطيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَين ؟ " قال : لا والله لولا أني آكل في اليوم ثلاث مرّات لكلّ بصري ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هَلْ تَسْتَطيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ " قال : لا والله إلا أن تعينني على ذلك بعون وصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّي مُعِينُكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً ، وأنا دَاعٍ لَكَ بالبَرَكَةِ " فأصلح ذلك بينهما . قال : وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان مُوسراً لا يكفر عنه إلا تحرير رقبة إذا كان موسراً من قبل أن يتماسا ، فإن لم يكن موسراً فصيام شهرين متتابعين ، لا يصلح له إلا الصوم إذا كان معسراً ، إلا أن لا يستطيع ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، وذلك كله قبل الجماع . حدثنا ابن حَميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي معشر المدني ، عن محمد بن كعب القرظيِّ ، قال : كانت خولة ابنة ثعلبة تحت أوس بن الصامت ، وكان رجلاً به لمم ، فقال في بعض هجراته : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم ندم على ما قال ، فقال لها : ما أظنك إلا قد حرمتِ عليّ قالت : لا تقل ذلك ، فوالله ما أحبّ الله طلاقاً . قالت : أئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله ، فقال : إني أجدني أستحي منه أن أسأله عن هذا ، فقالت : فدعني أن أسأله ، فقال لها : سليه فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا نبيّ الله إن أوس بن الصامت أبو ولدي ، وأحبّ الناس إليَّ ، قد قال كلمة ، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً ، قال : أنت عليّ كظهر أمي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أرَاكِ إلاَّ قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ " قالت : لا تقل ذلك با نبيّ الله ، والله ما ذكر طلاقاً فرادت النبي صلى الله عليه وسلم مراراً ، ثم قالت : اللهم إنّي أشكو اليوم شدّة حالي ووحدتي ، وما يشقّ عليّ من فراقه ، اللهم فأنزل على لسان نبيك ، فلم تَرِمْ مكانها حتى أنزل الله { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } إلى أن ذكر الكفارات ، فدعاه النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : " أعْتِقْ رَقَبةً " فقال لا أجد ، فقال : " صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَين " قال : لا أستطيع ، إني لأصوم اليوم الواحد فيشقّ عليّ قال : " أطعمْ سِتِّينَ مِسْكْيناً ؟ " قال : أما هذا فَنَعَمْ . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن أبي إسحاق { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } قال نزلت في امرأة اسمها خولة ، وقال عكرمة اسمها خويلة ، ابنة ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت جاءت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أرَاكِ إلاَّ قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ " وهو حينئذ يغسل رأسه ، فقالت : انظر جُعلت فداك يا نبيّ الله ، فقال : " ما أرَاكِ إلاَّ قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ " فقالت : انظر في شأني يا رسول الله ، فجعلت تجادله ، ثم حوّل رأسه ليغسله ، فتحوّلت من الجانب الآخر ، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبيّ الله ، فقالت الغاسلة : أقصري حديثك ومخاطبتك يا خويلة ، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متربداً ليوحى إليه ؟ فأنزل الله : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } … حتى بلغ { ثُمَّ يَعُودونَ لِمَا قالُوا } قال قتادة : فحرمها ، ثم يريد أن يعود لها فيطأها { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } حتى بلغ { بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } قال أيوب : أحسبه ذكره عن عكرمة ، أن الرجل قال : يا نبيّ الله ما أجد رقبة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ما أنا بِزَائِدِك " فأنزل الله عليه : { صِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ مِنْ قَبْلِ أنْ يَتَماسَّا } فقال : والله يا نبيّ الله ما أطيق الصوم ، إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت ، فجعل يشكو إليه ، فقال : " ما أنا بِزَائِدِكَ " فنزلت : { فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإطْعامُ سِتينَ مِسْكِيناً } حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، قال : ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله الله عزّ وجلّ : { الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها } قال : تجادل محمداً صلى الله عليه وسلم ، فهي تشتكي إلى الله عند كبره وكبرها حتى انتفض وانتفض رحمها . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله الله { الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها } قال : محمداً في زوجها قد ظاهر منها ، وهي تشتكي إلى الله ، ثم ذكر سائر الحديث نحوه . حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أبان العطار ، قال : ثنا هشام بن عروة ، عن عروة ، أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان : كتبت إليّ تسألني عن خويلة ابنة أوس بن الصامت ، وإنها ليست بابنة أوس بن الصامت ، ولكنها امرأة أوس ، وكان أوس امرأ به لمم ، وكان إذا اشتدّ به لممه تظاهر منها ، وإذا ذهب عنه لممه لم يقل من ذلك شيئاً ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه وتشتكي إلى الله ، فأنزل الله ما سمعت ، وذلك شأنهما . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق ، يحدّث عن معمر بن عبد الله ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، قال : حدثتني خويلة امرأة أوس بن الصامت قالت : كان بيني وبينه شيء ، تعنى زوجها ، فقال : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم خرج إلى نادي قومه ، ثم رجع فراودني عن نفسي ، فقالت : كلا والذي نفسي بيده حتى ينتهي أمري وأمرك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقضي فيّ وفيك أمره ، وكان شيخاً كبيراً رقيقاً ، فغلبته بما تغلب به المرأة القوية الرجل الضعيف ، ثم خرجت إلى جارة لها ، فاستعارت ثيابها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلست بين يديه ، فذكرت له أمره ، فما برحت حتى أنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت : لا يقدر على ذلك ، قال : " إنا سنعينه على ذلك بفرق من تمر " قلت : وأنا أعينه بفرق آخر ، فأطعم ستين مسكيناً . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن تميم ، عن عروة ، عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله عزّ وجل : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } . … إلى آخر الآية . حدثني عيسى بن عثمان الرملي ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها ، إن المرأة لتناجي النبيّ صلى الله عليه وسلم أسمع بعض كلامها ، ويخفى عليّ بعض كلامها ، إذ أنزل الله { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } . حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة بن الزبير ، قال : قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه كلّ شيء ، إني لأسمع كلام خولة ابنة ثعلبة ، ويخفى عليّ بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي ، ونثرت له بطني ، حتى إذا كبر سني ، وانقطع ولدي ، ظاهر مني ، اللهمّ إني أشكو إليك ، قال : فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } قال : زوجها أوس بن الصامت . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : الحمد الله الذي وسع سمعه الأصوات ، إن خولة تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيخفى عليّ أحيانا بعض ما تقول ، قالت : فأنزل الله عزّ وجلّ { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } . حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : ثنا أسد بن موسى ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت ، وكان أمرأ به لمم ، وكان إذا اشتد به لممه ظاهر من امرأته ، فأنزل الله عزّ وجلّ آية الظهار . حدثني يحيى بن بشر القرقساني ، قال : ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الأموي ، قال : ثنا خَصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كان ظهار الجاهلية طلاقاً ، فأول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت من امرأته الخزرجية ، وهي خولة بنت ثعلبة بن مالك فلما ظاهر منها حسبت أن يكون ذلك طلاقاً ، فأتت به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن أوساً ظاهر مني ، وإنَّا إن افترقنا هلكنا ، وقد نثرت بطني منه ، وقدمت صحبته فهي تشكو ذلك وتبكي ، ولم يكن جاء في ذلك شيء ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { قَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّتِي تجادِلُكَ فِي زَوْجِها } … إلى قوله : { وَللْكافِرينَ عَذَابٌ ألِيمٌ } فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أتَقْدِرُ عَلى رَقَبَةٍ تُعْتقُها ؟ " فقال : لا والله يا رسول الله ، ما أقدر عليها ، فجمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعتق عنه ، ثم راجع أهله . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود : « قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التِي تُحاوِلُكَ فِي زَوْجِها » . وقوله : { وَتَشْتَكي إلى اللَّهِ } يقول : وتشتكي المجادلة ما لديها من الهمّ بظهار زوجها منها إلى الله وتسأله الفرج { وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما } يعني تحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمجادلة خولة ابنة ثعلبة { إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } يقول تعالى ذكره : إن الله سميع لما يتجاوبانه ويتحاورانه ، وغير ذلك من كلام خلقه ، بصير بما يعلمون ، ويعمل جميع عباده .