Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : الذين يحرّمون نساءهم على أنفسهم تحريم الله عليهم ظهور أمهاتهم ، فيقولون لهنّ : أنتن علينا كظهور أمهاتنا ، وذلك كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية . كذلك : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : كان الظهار طلاقاً في الجاهلية ، الذي إذا تكلم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبداً ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه ما أنزل . واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة سوى نافع ، وعامة قرّاء الكوفة خلا عاصم : « يَظَّاهَرُونَ » بفتح الياء وتشديد الظاء وإثبات الألف ، وكذلك قرأوا الأخرى بمعنى يتظاهرون ، ثم أدغمت التاء في الظاء فصارتا ظاء مشدّدة . وذكر أنها في قراءة أُبي : « يَتَظاهَرُونَ » وذلك تصحيح لهذه القراءة وتقوية لها وقرأ ذلك نافع وأبو عمرو وكذلك بفتح الياء وتشديد الظاء ، غير أنهما قرآه بغير ألف : « يَظَّهَّرونَ » . وقرأ ذلك عاصم : { يُظاهِرُونَ } بتخفيف الظاء وضم الياء وإثبات الألف . والصواب من القول في ذلك عندي أن كلّ هذه القراءات متقاربات المعاني . وأما « يَظَّاهَرُونَ » فهو من تظاهر ، فهو يتظاهر . وأما « يَظَّهَّرُونَ » فهو من تظهَّر فهو يتظهَّر ، ثم أدغمت التاء في الظاء فقيل : يظَّهر . وأما { يُظاهِرُونَ } فهو من ظاهر يظاهر ، فبأية هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارىء فمصيب . وقوله : { ما هُنَّ أمَّهاتِهِمْ } يقول تعالى ذكره : ما نساؤهم اللائي يُظاهرن منهنّ بأمهاتهم ، فيقولوا لهنّ : أنتن علينا كظهر أمهاتنا ، بل هنّ لهم حلال . وقوله : { إنْ أُمَّهاتُهُمْ إلاَّ اللاَّئي وَلَدْنَهُمْ } لا اللائي قالوا لهنّ ذلك . وقوله : { وإنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً } يقول جلّ ثناؤه : وإن الرجال ليقولون منكراً من القول الذي لا تُعرف صحته وزوراً : يعني كذباً ، كما : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { مُنْكَراً مِنْ القَوْلِ وَزُوراً } قال : الزور : الكذب { وَإنَّ اللَّهَ لَعَفُوّ غَفُورٌ } يقول جلّ ثناؤه : إن الله لذو عفو وصفح عن ذنوب عباده إذا تابوا منها وأنابوا ، غفور لهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة .