Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : فمن لم يجد منكم ممن ظاهر من امرأته رقبة يحرّرها ، فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا والشهران المتتابعان هما اللذان لا فصل بينهما بإفطار في نهار شيء منهما إلا من عذر ، فإنه إذا كان الإفطار بالعذر ففيه اختلاف بين أهل العلم ، فقال بعضهم : إذا كان إفطاره لعذر فزال العذر بنى على ما مضى من الصوم . وقال آخرون : بل يستأنف ، لأن من أفطر بعذر أو غير عذر لم يتابع صوم شهرين . ذكر من قال : إذا أفطر بعذر وزال العذر بنى وكان متابعاً : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن عديّ وعبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب أنه قال في رجلٍ صام من كفارة الظهار ، أو كفارة القتل ، ومرِضَ فأفطر ، أو أفطر من عذر ، قال : عليه أن يقضيَ يوماً مكان يوم ، ولا يستقبل صومه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن عديّ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، بمثله . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب في المظاهر الذي عليه صوم شهرين متتابعين ، فصام شهراً ، ثم أفطر ، قال : يتمّ ما بقي . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن وسعيد بن المسيب في رجل صام من كفارة الظهار شهراً أو أكثر ثم مرض ، قال : يعتدّ بما مضى إذا كان له عذر . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا سالم بن نوح ، قال : ثنا عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن الحسن في الرجل يكون عليه الصوم في قتل أو نذر أو ظهار ، فصام بعضه ثم أفطر ، قال : إن كان معذوراً فإنه يقضي . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن هشام ، عن الحسن ، قال : إن أفطر من عذر أتمّ ، وإن كان من غير عذر استأنف . حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، عن حجاج ، عن عطاء ، قال : من كان عليه صوم شهرين متتابعين فمرض فأفطر ، قال : يقضي ما بقي عليه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن جُرَيج ، عن عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار في الرجل يفطر في اليوم الغيم ، يظنّ أن الليل قد دخل عليه في الشهرين المتتابعين أنه لا يزيد على أن يبدّله ، ولا يستأنف شهرين آخرين . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن عبد الملك ، عن عطاء قال : إن جامع المعتكف وقد بقي عليه أيام من اعتكافه قال : يتمّ ما بقي ، والمظاهر كذلك . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، قال : إذا كان شيئاً ابتلي به بنى على صومه ، وإذا كان شيئاً هو فعله استأنف ، قال : سفيان : هذا معناه . حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن عامر في رجل ظاهر ، فصام شهرين متتابعين إلا يومين ثم مرض ، قال : يتمّ ما بقي . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت إسماعيل عن الشعبيّ بنحوه . حدثنا أبو كُرَيب ويعقوب قالا : ثنا هشيم ، عن إسماعيل ، عن الشعبي في رجل عليه صيام شهرين متتابعين ، فصام فمرض فأفطر ، قال : يقضي ولا يستأنف . ذكر من قال : يستقبل من أفطر بعذر أو غير عذر : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم في رجل عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر ، قال : يستأنف ، والمرأة إذا حاضت فأفطرت تقضي . حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : إذا مرض فأفطر استأنف ، يعني من كان عليه صوم شهرين متتابعين فمرض فأفطر . حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا هشيم ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، قال : يستأنف . وأولى القولين عندنا بالصواب قول من قال : يبني المفطر بعذر ، ويستقبل المفطر بغير عذر ، لإجماع الجميع على أن المرأة إذا حاضت في صومها الشهرين المتتابعين بعذر ، فمثله ، لأن إفطار الحائض بسبب حيضها بعذر كان من قِبل الله ، فكلّ عذر كان من قبل الله فمثله . وقوله : { فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فإطْعام سِتِّينَ مِسْكِيناً } يقول تعالى ذكره : فمن لم يستطع منهم الصيام فعليه إطعام ستين مسكيناً . وقد بيَّنا وجه الإطعام في الكفارات فيما مضى قبل ، فأغنى ذلك عن إعادته . وقوله : { ذَلكَ لِتُؤْمِنُوا باللَّهِ وَرَسُولِهِ } يقول جلّ ثناؤه : هذا الذي فرضتُ على من ظاهر منكم ما فرضت في حال القدرة على الرقبة ، ثم خففت عنه مع العجز بالصوم ، ومع فقد الاستطاعة على الصوم بالإطعام ، وإنما فعلته كي تقرّ الناس بتوحيد الله ورسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ويصدّقوا بذلك ، ويعملوا به ، وينتهوا عن قول الزور والكذب { وَتِلْكَ حُدُودُ الله } يقول تعالى ذكره : وهذه الحدود التي حدّها الله لكم ، والفروض التي بينها لكم حدود الله فلا تتعدّوها أيها الناس { وَللْكافِرِينَ } بها ، وهم جاحدو هذه الحدود وغيرها من فرائض الله أن تكون من عند الله { عَذَابٌ ألِيمٌ } يقول : عذاب مؤلم .