Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 8-8)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى } من اليهود { ثُمَّ يَعودُون } فقد نهى الله عزّ وجلّ إياهم عنها ، ويتناجون بينهم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله { ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نُهُوا عَن النَّجْوَى } قال : اليهود . قوله : { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ } يقول جلّ ثناؤه : ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى { وَيَتَناجُونَ بالإثْمِ والعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ } يقول جلّ ثناؤه : ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان ، وذلك خلاف أمر الله ومعصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { وَيَتَناجَوْنَ } فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين والبصريين { وَيَتَناجَوْنَ } على مثال يتفاعلون ، وكان يحيى وحمزة والأعمش يقرأون « وَيَنْتَجُونَ » على مثال يفتعلون . واعتلّ الذين قرأوه : { يَتَنَاجَوْنَ } بقوله : { إذَا تَنَاجَيْتُمْ } ولم يقل : إذا انتجيتم . وقوله : { وَإذا جاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا جاءك يا محمد هؤلاء الذين نهوا عن النجوى ، الذين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهم ، حيوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية ، وكانت تحيتهم التي كانوا يحيونه بها التي أخبر الله أنه لم يحيه بها فيما جاءت به الأخبار ، أنهم كانوا يقولون : السام عليك . ذكر الرواية الواردة بذلك : حدثنا ابن حُمَيد وابن وكيع قالا : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : « جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السام عليكم ، وفعل الله بكم وفعل ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " يا عائِشَةُ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفُحْشَ " فقلت : يا رسول الله ، ألست ترى ما يقولون ؟ فقال : " أَلَسْتِ تَرَيْنَنِي أرُدُّ عَلَيْهِمْ ما يَقُولُونَ ؟ أقُول : عَلَيْكُمْ " وهذه الآية في ذلك نزلت { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله وَيَقُولُونَ فِي أنْفُسِهمْ لَوْلا يُعَذّبُنا الله بِمَا نَقُول ، حَسْبُهُمْ جَهَنَّم يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ المَصِيرِ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : كان اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم فيقولون : السام عليكم ، فيقول : " عَلَيْكمْ " قالت عائشة : السام عليكم وغَضَبُ الله فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اللَّهَ لا يحِبُّ الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ " قالت : إنهم يقولون : السام عليكم ، قال : " إنّي أقُول : عَلَيْكُمْ " فنزلت : { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله } قال : فإن اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليكم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } قال : كانت اليهود يأتون النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليكم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } … إلى { فَبِئْسَ المَصِيرُ } قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حيوه : سام عليكم ، فقال الله { حَسْبُهُمْ جَهَنَّم يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ المَصِير } . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } قال : يقولون : سام عليكم ، قال : هم أيضاً يهود . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ الله } قال : اليهود كانت تقول : سام عليكم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري أن عائشة فطنت إلى قولهم ، فقالت : وعليكم السامة واللعنة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " مَهْلاً يا عائِشَة إنَّ اللَّهَ يحِبُّ الرّفْقَ في الأمْرِ كُلِّهِ " فقالت : يا نبيّ الله ألم تسمع ما يقولون ؟ قال : " أفَلَمْ تَسْمَعي ما أردُّ عَلَيْهِمْ ؟ أقُول : عَلَيْكُمْ " . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهوديّ ، فسلم عليهم ، فردّوا عليه ، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " هَلْ تَدْرُونَ ما قالَ ؟ " قالوا : سلَّم يا رسول الله ، قال : " بَلْ قالَ : سأْمٌ عَلَيْكُمْ ، أي تسأمون دينكم " فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أقُلْت سأَمٌ عَلَيْكُمْ ؟ " قال : نعم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أحَدٌ مِنْ أهْلِ الكِتابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكَ " أي عليك ما قلت . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وإذَا جاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } قال : هؤلاء يهود ، جاء ثلاثة نفر منهم إلى باب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فتناجوا ساعة ، ثم استأذن أحدهم ، فأذن له النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : السام عليكم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " عَلَيْكَ " ثُمَّ الثاني ، ثُمَّ الثَّالِثُ » قال ابن زيد : السام : الموت . وقوله جلّ ثناؤه : { وَيَقُولُونَ فِي أنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } يقول جل ثناؤه : ويقول محيوك بهذه التحية من اليهود : هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيعجل عقوبته لنا على ذلك ، يقول الله : حسبُ قائلي ذلك يا محمد جهنم ، وكفاهم بها يصلونها يوم القيامة ، فبئس المصير جهنم .