Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 13-14)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأنتم أيها المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله : يقول : هم يرهبونهم أشدّ من رهبتهم من الله { ذَلكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ } يقول تعالى ذكره : هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون ، قدر عظمة الله ، فهم لذلك يستخفُّون بمعاصيه ، ولا يرهبون عقابه قدر رهبته منكم . وقوله : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ } يقول جلّ ثناؤه : لا يقاتلكم هؤلاء اليهود بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون ، لا يبرزون لكم بالبراز ، { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } يقول : أو من خلف حيطان . واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والمدينة { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } على الجماع بمعنى الحيطان . وقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة : « مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ » على التوحيد بمعنى الحائط . والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قراءاتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { بأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } يقول جلّ ثناؤه : عداوة بعض هؤلاء الكفار من اليهود بعضاً شديدة { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } يعني المنافقين وأهل الكتاب ، يقول : تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم ، { وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } يقول : وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضاً . وقوله : { ذَلِكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } يقول جلّ ثناؤه : هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلاء اليهود والمنافقين ، وذلك تشتيت أهوائهم ، ومعاداة بعضهم بعضاً من أجل أنهم قوم لا يعقلون ما فيه الحظّ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } قال : تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم ، مختلفة أعمالهم ، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } قال : المنافقون يخالف دينهم دين النضير . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } قال : هم المنافقون وأهل الكتاب . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، مثل ذلك . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } قال : المشركون وأهل الكتاب . وذُكر أنها في قراءة عبد الله : « وَقُلُوبُهُمْ أشَتُّ » بمعنى : أشدّ تشتتاً : أي أشدّ اختلافاً .