Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 117-117)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد إن ربك الذي نهاك أن تطيع هؤلاء العادلين بالله الأوثان ، لئلا يضلوك عن سبيله ، هو أعلم منك ومن جميع خلقه ، أيّ خلقه يضلّ عن سبيله بزخرف القول الذي يوحي الشياطين بعضهم إلى بعض ، فيصدّوا عن طاعته واتباع ما أمر به . { وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدِينَ } يقول : وهو أعلم أيضاً منك ومنهم بمن كان على استقامة وسداد ، لا يخفى عليه منهم أحد . يقول : واتبع يا محمد ما أمرتك به ، وانته عما نهيتك عنه من طاعة من نهيتك عن طاعته ، فإني أعلم بالهادي والمضلّ من خلقي منك . واختلف أهل العربية في موضع « مَنْ » في قوله : { إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ مَنْ يَضلُّ } . فقال بعض نحويي البصرة : موضعه خفض بنية الباء ، قال : ومعنى الكلام : إن ربك هو أعلم بمن يضلّ . وقال بعض نحويي الكوفة : موضعه رفع ، لأنه بمعنى أيّ ، والرافع له « يضلّ » . والصواب من القول في ذلك : أنه رفع بـ « يضلّ » وهو في معنى أيّ . وغير معلوم في كلام العرب اسم مخفوض بغير خافض فيكون هذا له نظيراً . وقد زعم بعضهم أن قوله : { أعْلَمُ } في هذا الموضع بمعنى « يعلم » ، واستشهد لقيله ببيت حاتم الطائي : @ فحالَفَتْ طَيِّىءٌ مِنْ دونِنا حِلِفاً واللّهُ أعلمُ ما كُنا لَهُمْ خُذُلا @@ وبقول الخنساء : @ القَوْمُ أعْلَمُ أنَّ جَفْنَتَهُ تَغْدُو غَداةَ الرّيحِ أوْ تَسْرِي @@ وهذا الذي قاله قائل هذا التأويل وإن كان جائزاً في كلام العرب ، فليس قول الله تعالى : { إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ } منه وذلك أنه عطف عليه بقوله : { وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدِينَ } فأبان بدخول الباء في « المهتدين » أن أعلم ليس بمعنى يعلم ، لأن ذلك إذ كان بمعنى يفعل لم يوصل بالباء ، كما لا يقال هو يعلم بزيد ، بمعنى يعلم زيداً .