Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 120-120)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ودعوا أيها الناس علانية الإثم وذلك ظاهره ، وسرّه وذلك باطنه . كذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } أي قليله وكثيره وسرّه وعلانيته . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } قال : سرّه وعلانيته . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } يقول : سره وعلانتيه ، وقوله : { ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } قال : سرَّه وعلانيته . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس في قوله : { وَذَرُوا ظَاهِرَ الإثمِ وَباطَنهُ } قال : نهى الله عن ظاهر الإثم وباطنه أن يُعمل به سرًّا ، أو علانية ، وذلك ظاهره وباطنه . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } معصية الله في السرّ والعلانية . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } قال : هو ما ينوي مما هو عامل . ثم اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالظاهر من الإثم والباطن منه في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الظاهر منه : ما حرّم جلّ ثناؤه بقوله : { وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ } قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ … } الآية ، والباطن منه الزنا . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا الحجاج ، قال : ثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } قال : الظاهر منه : { لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما قَدْ سَلَفَ } والأمهات ، والبنات والأخوات . والباطن : الزنا . وقال آخرون : الظاهر : أولات الرايات من الزواني . والباطن : ذوات الأخدان . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } أما ظاهره : فالزواني في الحوانيت . وأما باطنه : فالصديقة يتخذها الرجل فيأتيها سرّاً . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثني عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَلا تَقْرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنَ } كان أهل الجاهلية يستسّرون بالزنا ، ويرون ذلك حلالاً ما كان سرًّا ، فحرّم الله السرّ منه والعلانية . ما ظهر منها : يعني العلانية ، وما بطن : يعني السرّ . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن أبي مكين وأبيه ، عن خصيف ، عن مجاهد : { لا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ } قال : ما ظهر منها : الجمع بين الأختين ، وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده . وما بطن : الزنا . وقال آخرون : الظاهر : التعرّي والتجرّد من الثياب وما يستر العورة في الطواف . والباطن : الزنا . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ } قال : ظاهره العُريْةُ التي كانوا يعملون بها حين يطوفون بالبيت . وباطنه : الزنا . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره تقدّم إلى خلقه بترك ظاهر الإثم وباطنه وذلك سرّه وعلانيته ، والإثم : كلّ ما عصى الله به من محارمه ، وقد يدخل في ذلك سرّ الزنا وعلانيته ، ومعاهرة أهل الرايات وأولات الأخدان منهنّ ، ونكاح حلائل الآباء والأمهات والبنات ، والطواف بالبيت عريانا ، وكلّ معصية لله ظهرت أو بطنت . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان جميع ذلك إثماً ، وكان الله عمّ بقوله : { وَذَرُوا ظاهِرَ الإثمِ وَباطِنَهُ } جميع ما ظهر من الإثم وجميع ما بطن ، لم يكن لأحد أن يخصّ من ذلك شيئاً دون شيء إلا بحجة للعذر قاطعة . غير أنه لو جاز أن يوجه ذلك إلى الخصوص بغير برهان ، كان توجيهه إلى أنه عني بظاهر الإثم وباطنه في هذا الموضع : ما حرّم الله من المطاعم والمآكل من الميتة والدم ، وما بين الله تحريمه في قوله : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمْ المَيْتَةُ } إلى آخر الآية ، أوْلى ، إذ كان ابتداء الآيات قبلها بذكر تحريم ذلك جرى وهذه في سياقها ، ولكنه غير مستنكر أن يكون عنى بها ذلك ، وأدخل فيها الأمر باجتناب كلّ ما جانسه من معاصي الله ، فخرج الأمر عامًّا بالنهي عن كلّ ما ظهر أو بطن من الإثم . القول في تأويل قوله تعالى : { إنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإثمَ سَيُجزّوْنَ بِمَا كانُوا يَقْتَرِفُونَ } . يقول تعالى ذكره : إن الذين يعملون بما نهاهم الله عنه ويركبون معاصي الله ويأتون ما حرّم الله ، { سَيُجْزَوْنَ } يقول : سيثيبهم الله يوم القيامة بما كانوا في الدنيا يعملون من معاصيه .