Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 128-128)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره بقوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } : ويوم يحشر هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام وغيرهم من المشركين مع أوليائهم من الشياطين الذين كانوا يوحون إليهم زخرف القول غروراً ليجادلوا به المؤمنين ، فيجمعهم جميعاً في موقف القيامة . يقول للجنّ : { يا مَعْشَرَ الجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ } وحذف « يقول للجنّ » من الكلام اكتفاءً بدلالة ما ظهر من الكلام عليه منه . وعني بقوله : { قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ } استكثرتم من إضلالهم وإغوائهم . كما : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس : قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ } يعني : أضللتم منهم كثيراً . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { يا مَعْشَرَ الجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ } قال : قد أضللتم كثيراً من الإنس . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ } قال : كثر من أغويتم . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن الحسن : { قَدِ اسْتَكْثَرتُمْ مِنَ الإنْسِ } يقول : أضللتم كثيراً من الإنس . القول في تأويل قوله تعالى : { وَقالَ أوْلِياؤُهُمْ مِنَ الإنْسِ رَبَّنا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا ببَعْضٍ } . يقول تعالى ذكره : فيجيب أولياء الجنّ من الإنس ، فيقولون : ربنا استمتع بعضنا ببعض في الدنيا . فأما استمتاع الإنس بالجنّ ، فكان كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { رَبَّنا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ } قال : كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول : أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهم ، فاعتذروا يوم القيامة . وأما استمتاع الجنّ بالإنس ، فإنه كان فيما ذكر ، ما ينال الجنّ من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعاذتهم بهم ، فيقولون : قد سدنا الجنّ والإنس . القول في تأويل قوله تعالى : { وَبَلَغْنا أجَلَنَا الَّذِي أجَّلْتَ لَنا } . يقول تعالى ذكره : قالوا : وبلغنا الوقت الذي وقِّت لموتنا . وإنما يعني جلّ ثناؤه بذلك أنهم قالوا : استمتع بعضنا ببعض أيام حياتنا إلى حال موتنا . كما : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدّي ، وأما قوله : { وَبَلَغْنا أجَلَنا الَّذِي أجَّلْتَ لنَا } فالموت . القول في تأويل قوله تعالى : { قال النَّارُ مَثْوَاكُمْ خالِدِينَ فِيها إلاَّ ما شاءَ اللّهُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } . وهذا خبر من الله تعالى ذكره عما هو قائل لهؤلاء الذين يحشرهم يوم القيامة من العادلين به في الدنيا الأوثان ولقرنائهم من الجنّ ، فأخرج الخبر عما هو كائن مخرج الخبر عما كان لتقدّم الكلام قبله بمعناه والمراد منه ، فقال : قال الله لأولياء الجنّ من الإنس الذين قد تقدم خبره عنهم : { النَّارُ مَثْوَاكُمْ } يعني نار جهنم مثواكم الذي تثوون فيه : أي تقيمون فيه . والمثوى : هو المفعل ، من قولهم : ثَوَى فلان بمكان كذا ، إذا أقام فيه . { خالدينَ فِيها } يقول : لابثين فيها ، { إلاَّ ما شاءَ اللّهُ } يعني : إلا ما شاء الله من قدر مدة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم ، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار . { إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ } في تدبيره في خلقه ، وفي تصريفه إياهم في مشيئته من حال إلى حال وغير ذلك من أفعاله . { عَلِيمٌ } بعواقب تدبيره إياهم ، وما إليه صائر أمرُهم من خير وشرّ . ورُوي عن ابن عباس أنه كان يتأوّل في هذا الاستثناء أن الله جعل أمر هؤلاء القوم في مبلغ عذابه إياهم إلى مشيئته . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { قالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خالِدِينَ فِيها إلاَّ ما شاءَ اللّهُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } قال : إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه أن لا ينزلهم جنة ولا ناراً .