Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 129-129)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل { نُوَلّي } فقال بعضهم : معناه : نجعل بعضهم لبعض وليًّا على الكفر بالله . ذكر من قال ذلك : حدثنا يونس ، قال : ثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وكذلكَ نُوَلّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ } وإنما يولّي الله بين الناس بأعمالهم . فالمؤمن وليّ المؤمن أين كان وحيث كان ، والكافر وليّ الكافر أينما كان وحيثما كان . ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحِّلي . وقال آخرون : معناه : نُتْبع بعضهم بعضاً في النار من الموالاة ، وهو المتابعة بين الشيء والشيء ، من قول القائل : واليت بين كذا وكذا : إذا تابعت بينهما . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وكذلكَ نُوَلّي بعَضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً } في النار يتبع بعضهم بعضاً . وقال آخرون : معنى ذلك : نسلط بعض الظلمة على بعض . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وكذلكَ نُوَلّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً } قال : ظالمي الجن وظالمي الإنس . وقرأ : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } قال : نسلط ظلمة الجنّ على ظلمة الإنس . وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعض أولياء . لأن الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين ، فقال جلّ ثناؤه : { وَقالَ أوْلِياؤُهُم مِنَ الإنْسِ رَبَّنا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ } وأخبر جلّ ثناؤه أن بعضهم أولياء بعض ، ثم عقَّب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضاً بتوليته إياهم ، فقال : وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجنّ والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض ، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كلّ الأمور بما كانوا يكسبون من معاصي الله ويعملونه .