Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 146-146)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وحرّمنا على اليهود كلّ ذي ظفر ، وهو من البهائم والطير ما لم يكن مشقوق الأصابع كالإبل والأنعام والأوز والبط . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، وعليّ بن داود ، قالا : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلّ ذِي ظُفُرٍ } وهو البعير والنعامة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلّ ذِي ظُفُرٍ } قال : البعير والنعامة ونحو ذلك من الدوابّ . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عطاء ، عن سعيد : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلّ ذِي ظُفُرٍ } قال : هو ليس الذي بمنفرج الأصابع . حدثني عليّ بن الحسين الأزديّ ، قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلّ ذِي ظُفُرٍ } قال : كل شيء متفرّق الأصابع ، ومنه الديك . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : { كُلّ ذِي ظُفُرٍ } : النعامة والبعير . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، مثله . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } فكان يقال : البعير والنعامة وأشباهه من الطير والحيتان . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، قال : ثنا معمر ، عن قتادة : { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } قال : الإبل والنعام ، ظفر يد البعير ورجله ، والنعام أيضاً كذلك ، وحرّم عليهم أيضاً من الطير البط وشبهه ، وكلّ شيء ليس بمشقوق الأصابع . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : أما كلّ ذي ظفر : فالإبل والنعام . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا شيخ ، عن مجاهد ، في قوله : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } قل : النعامة والبعير شقًّا شقًّا ، قال : قلت : « ما شقًّا شقًّا ؟ » قال ، كل ما لم تفرّج قوائمه لم يأكله اليهود ، البعير والنعامة والدجاج والعصافير تأكلها اليهود لأنها قد فرجت . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } قال : النعامة والبعير شقًّا شقًّا ، قلت للقاسم بن أبي بزة وحدثنيه : « ما شقًّا شقًّا ؟ » قال : كل شيء لم يفرج من قوائم البهائم ، قال : وما انفرج أكلته اليهود ، قال : انفرجت قوائم الدجاج والعصافير ، فيهود تأكلها . قال : ولم تنفرج قائمة البعير خفه ولا خفّ النعامة ولا قائمة الوزّين ، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعام ولا الوزين ولا كلّ شيء لم تنفرج قائمته ، وكذلك لا تأكل حمار وحش . وكان ابن زيد يقول في ذلك بما : حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَعلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } الإبل فقط . وأولى القولين في ذلك بالصواب ، القول الذي ذكرنا عن ابن عباس ومن قال بمثل مقالته لأن الله جلّ ثناؤه أخبر أنه حرّم على اليهود كلّ ذي ظُفُر ، فغير جائز إخراج شيء من عموم هذا الخبر إلا ما أجمع أهل العلم أنه خارج منه . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان النعام وكلّ ما لم يكن من البهائم والطير مما له ظفر غير منفرج الأصابع داخلاً في ظاهر التنزيل ، وجب أن يحكم له بأنه داخل في الخبر ، إذ لم يأت بأن بعض ذلك غير داخل في الآية خبر عن الله ولا عن رسوله ، وكانت الأمة أكثرها مجمع على أنه فيه داخل . القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } . اختلف أهل التأويل في الشحوم التي أخبر الله تعالى أنه حرّمها على اليهود من البقر والغنم ، فقال بعضهم : هي شحوم الثروب خاصة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَمِنَ البَقَرِ الغَنمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما } الثروب . ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " قاتل الله اليهود حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ الثُّرُوبَ ثُمَّ أكَلُوا أثمَانَها " . وقال آخرون : بل ذلك كان كلّ شحم لم يكن مختلطاً بعظم ولا على عظم . ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريح ، قوله : { حَرَّمنْا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما } قال : إنما حرّم عليهم الثَّرْب ، وكلّ شحم كَدْن كذلك ليس في عظم . وقال آخرون : بل ذلك شحم الثَّرْب والكُلى . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما } قال : الثرب وشحم الكليتين . وكانت اليهود تقول : إنما حرّمه إسرائيل فنحن نحرّمه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما } قال : إنما حرّم عليهم الثروب والكليتين . هكذا هو في كتابي عن يونس ، وأنا أحسب أنه الكلى . والصواب في ذلك من القول أن يقال : إن الله أخبر أنه كان حرّم على اليهود من البقر والغنم شحومهما إلا ما استثناه منها مما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ، فكلّ شحم سوى ما استثناه الله في كتابه من البقر والغنم ، فإنه كان محرّماً عليهم . وبنحو ذلك من القول ، تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك قوله : " قاتَلَ اللّهُ اليَهُودَ حُرّمَتْ عَلَيْهُمُ الشُّحُومُ فجَمَلُوها ثُمَّ باعُوها وأكَلُوا أثمَانها " . وأما قوله : { إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } فإنه يعني : إلا شحوم الجنب وما علق بالظهر ، فإنها لم تحرّم عليهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } يعني : ما علق بالظهر من الشحوم . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : أما ما حملت ظهورهما : فالأليات . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، قال : الألية مما حملت ظهورهما . القول في تأويل قوله تعالى : { أوِ الحَوَايا } . قال أبو جعفر : والحوايا جمع ، واحدها حاوياء وحاوية وحَوِيَّة : وهي ما تحوّى من البطن فاجتمع واستدار ، وهي بنات اللبن ، وهي المباعر ، وتسمى المرابض ، وفيها الأمعاء . ومعنى الكلام : ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو ما حملت الحوايا ، فالحوايا رفع عطفاً على الظهور ، و « ما » التي بعد « إلاَّ » ، نصب على الاستثناء من الشحوم . وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { أوِ الحَوَايا } وهي المبعر . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { أوِ الحَوَايا } قال : المبعر . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الحوايا : المبعر والمَرْبض . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أو الحَوَايا قال : المبعر . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : { أوِ الحَوَايا } قال : المباعر . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : { أوِ الحَوَايا } قال : المباعر . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { أوِ الحَوَايا } قال : المبعر . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { أوِ الحَوَايا } قال : المبعر . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة والمحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : المبعر . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أوِ الحَوَايا } يعني : البطون غير الثروب . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { أوِ الحَوَايا } هو المبعر . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { أوِ الحَوَايا } قال : المباعر . وقال ابن زيد في ذلك ، ما : حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { أوِ الحَوَايا } قال : الحوايا : المرابض التي تكون فيها الأمعاء تكون وسطها ، وهي بنات اللبن ، وهي في كلام العرب تُدعى المرابض . القول في تأويل قوله تعالى : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } . يقول تعالى ذكره : ومن البقر والغنم حرّمنا على الذين هادوا شحومهما سوى ما حملت ظهورهما ، أو ما حملت حواياهما ، فإنا أحللنا ذلك لهم ، وإلا ما اختلط بعظم فهو لهم أيضاً حلال . فردّ قوله : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } على قوله : { إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } ف « ما » التي في قوله : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } في موضع نصب عطفاً على « ما » التي في قوله : { إلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما } . وعنى بقوله : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْم } شحم الألية والجنب وما أشبه ذلك . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } قال : شحم الألية بالعُصْعُص ، فهو حلال ، وكلّ شيء في القوائم والجنب والرأس والعين قد اختلط بعظم ، فهو حلال . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ } مما كان من شحم على عظم . القول في تأويل قوله تعالى : { ذلكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيهِمْ وَإنَّا لَصَادِقُونَ } . يقول تعالى ذكره : فهذا الذي حرّمنا على الذين هادوا من الأنعام والطير ، ذوات الأظافير غير المنفرجة ، ومن البقر والغنم ، ما حرّمنا عليهم من شحومهما الذي ذكرنا في هذه الآية ، حرّمناه عليهم عقوبة منا لهم ، وثواباً على أعمالهم السيئة وبغيهم على ربهم . كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { ذلكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيهِمْ وَإنَّا لَصَادِقُونَ } إنما حرّم ذلك عليهم عقوبة ببغيهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { ذلكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ } فعلنا ذلك بهم ببغيهم . وقوله : { وَإنَّا لَصَادِقُونَ } يقول : وإنا لصادقون في خبرنا هذا عن هؤلاء اليهود عما حرّمنا عليهم من الشحوم ولحوم الأنعام والطير التي ذكرنا أنا حرّمنا عليهم ، وفي غير ذلك من أخبارنا ، وهم الكاذبون في زعمهم أن ذلك إنما حرّمه إسرائيل على نفسه وأنهم إنما حرّموه لتحريم إسرائيل إياه على نفسه .