Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 157-157)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : وهذا كتاب أنزلناه مبارك ، لئلا يقول المشركون من عبدة الأوثان من قريش : إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ، أو لئلا يقولوا : { لَوْ أنَّا أنْزِلَ عَلَيْنا الكِتابَ } كما أنزل على هاتين الطائفتين من قبلنا ، فأمرنا فيه ونهينا ، وبَيَّن لنا فيه خطأ ما نحن فيه من صوابه . { لَكُنَّا أهْدَى مِنْهُمْ } : أي لكنا أشدّ استقامة على طريق الحقّ واتباعاً للكتاب ، وأحسن عملاً بما فيه من الطائفتين اللتين أنزل عليهما الكتاب من قبلنا . يقول الله : { فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } يقول : فقد جاءكم كتاب بلسانكم عربيّ مبين ، حجة عليكم واضحة بينة من ربكم . { وَهُدًى } يقول : وبيان للحقّ ، وفرقان بين الصواب والخطأ . { وَرَحْمَةً } لمن عمل به واتبعه . كما : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { أوْ تَقُولُوا لَوْ أنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنا الكَتابُ لَكُنَّا أهدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } يقول : قد جاءكم بينة لسان عربيّ مبين ، حين لم تعرفوا دراسة الطائفتين ، وحين قلتم : لو جاءنا كتاب لكنا أهدى منهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { أوْ تَقُولُوا لَوْ أنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنا الكِتابُ لَكُنَّا أهْدَى مِنْهُمْ } فهذا قول كفار العرب ، { فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } . القول في تأويل قوله تعالى : { فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بآياتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجزْي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ } . يقول جلّ ثناؤه : فمن أخطأُ فعلاً وأشدّ عدواناً منكم أيها المشركون ، المكذّبون بحجج الله وأدلته وهي آياته . { وَصَدَفَ عَنْها } يقول : وأعرض عنها بعد ما أتته ، فلم يؤمن بها ولم يصدّق بحقيقتها . وأخرج جلّ ثناؤه الخبر بقوله : { فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بآياتِ اللّهِ } مخرج الخبر عن الغائب ، والمعنّي به المخاطبون به من مشركي قريش . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { وَصَدَفَ عَنْها } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وَصَدَفَ عَنْها } يقول : أعرض عنها . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا } : يعرضون عنها ، والصدف : الإعراض . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَصَدَفَ عَنْها } أعرض عنها ، { سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ العَذَابِ بِمَا كانُوا يَصْدِفُونَ } أي يعرضون . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { وَصَدَفَ عَنْها } فصدّ عنها . وقوله : { سَنَجزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الَعَذَابِ } يقول : سيثيب الله الذين يعرضون عن آياته وحججه ولا يتدبرونها ولا يتعرّفون حقيقتها فيؤمنوا بما دلتهم عليه من توحيد الله وحقية نبوّة نبيه وصدق ما جاءهم به من عند ربهم { سُوءَ العَذَاب } يقول : شديد العقاب ، وذلك عذاب النار التي أعدّها الله لكفرة خلقه به . { بِمَا كانُوا يَصْدِفُونَ } يقول : يفعل الله ذلك بهم ، جزاء بما كانوا يعرضون عن آياته في الدنيا فلا يقبلون ما جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم .