Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 46-46)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بي الأوثان والأصنام المكذّبين بك : أرأيتم أيها المشركون بالله غيره إن أصمكم الله فذهب بأسماعكم وأعمالكم فذهب بأبصاركم ، { وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ } فطبع عليها حتى لا تفقهوا قولاً ولا تبصروا حجة ولا تفهموا مفهوماً ، أيّ إله غير الله الذي له عبادة كل عابد يأتيكم به يقول : يردّ عليكم ما ذهب الله به منكم من الأسماع والأبصار والأفهام فتعبدوه أو تشركوه في عبادة ربكم الذي يقدر على ذهابه بذلك منكم وعلى ردّه عليكم إذا شاء . وهذا من الله تعالى تعليم نبيه الحجة على المشركين به ، يقول له : قل لهم : إن الذين تعبدونهم من دون الله لا يملكون لكم ضرًّا ولا نفعاً ، وإنما يستحقّ العبادة عليكم من كان بيده الضرّ والنفع والقبض والبسط ، القادر على كل ما أراد لا العاجز الذي لا يقدر على شيء . ثم قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّف الآياتِ } يقول : انظر كيف نتابع عليهم الحجج ونضرب لهم الأمثال والعبر ليعتبروا ويذكروا فينيبوا . { ثمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } يقول : ثم هم مع متابعتنا عليهم الحجج وتنبيهنا إياهم بالعبر عن الادّكار والاعتبار يعرضون ، يقال منه : صدف فلان عني بوجهه فهو يَصْدِفُ صُدوفاً وصَدفاً : أي عدل وأعرض ، ومنه قول ابن الرقاع : @ إذا ذَكَرْنَ حدِيثاً قُلْنَ أحْسَنَه وهُنَّ عنْ كُلّ سُوءٍ يُتَّقَى صُدُفُ @@ وقال لَبيد : @ يُرْوِي قَوامِحَ قبلَ اللَّيْلِ صَادِفَةً أشباهَ جِنَ عَلَيْها الرَّيْط والأُزُرُ @@ فإن قال قائل : وكيف قيل : { مَنْ إلَهٌ غيرُ اللّهِ يَإِتِيكُمْ بِهِ } فوحد الهاء ، وقد مضى الذكر قبل بالجمع فقال : { أرأيْتُمْ إنْ أخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وأبْصَارَكُمْ وَختَمَ على قُلُوبِكُمْ } ؟ قيل : جائز أن تكون الهاء عائدة على السمع ، فتكون موحدة لتوحيد السمع ، وجائز أن تكون معنياً بها : من إله غير الله يأتيكم بما أخذ منكم من السمع والأبصار والأفئدة ، فتكون موحدة لتوحيد « ما » ، والعرب تفعل ذلك إذا كنت عن الأفعال وحدت الكناية وإن كثر ما يكنى بها عنه من الأفاعيل ، كقولهم : إقبالك وإدبارك يعجبني . وقد قيل : إن الهاء التي في به كناية عن الهدى . وبنحو ما قلنا في تأويل قوله { يَصْدِفُونَ } قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { يَصْدِفُونَ } قال : يعرضون . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { يَصْدِفُونَ } قال : يعدلون . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : { نُصَرّف الآياتِ ثمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } قال : يعرضون عنها . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } قال : يصدّون .