Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 75-75)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني تعالى ذكره بقوله : { وكَذَلِكَ } : وكما أريناه البصيرة في دينه والحقّ في خلاف ما كانوا عليه من الضلال ، نريه ملكوت السموات والأرض ، يعني ملكه وزيدت فيه التاء كما زيدت في « الجبروت » من الجبر ، وكما قيل : رهبوت خير من رحموت ، بمعنى : رهبة خير من رحمة . وحكي عن العرب سماعاً : له ملكوت اليمن والعراق ، بمعنى : له ملك ذلك . واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } فقال بعضهم : معنى ذلك : نريه خلق السموات والأرض . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثنا معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } : أي خلق السموات والأرض . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } : أي خلق السموات والأرض ، وليكون من الموقنين . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } يعني بملكوت السموات والأرض : خلق السموات والأرض . وقال آخرون : معنى الملكوت : الملك بنحو التأويل الذي أوّلناه . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عمر بن أبي زائدة ، قال : سمعت عكرمة ، وسأله رجل عن قوله : { وَكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : هو الملك ، غير أنه بكلام النبَط « ملكوتَا » . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن ابن أبي زائدة ، عن عكرمة ، قال : هي بالنبطية : « ملكوتا » . وقال آخرون : معنى ذلك : آيات السموات والأرض . ذكر من قال ذلك : حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : آيات السموات والأرض . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى ذكره : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : آيات . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : تفرّجت لإبراهيم السموات السبع . حتى العرش ، فنظر فيهن . وتفرّجت له الأرضون السبع ، فنظر فيهنّ . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط عن السديّ : { وكَذَلِكَ نُرِى إبرَاهيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ } قال : أقيم على صخرة ، وفتحت له السموات ، فنظر إلى مُلك الله فيها حتى نظر إلى مكانه في الجنة وفتحت له الأرضون حتى نظر إلى أسفل الأرض ، فذلك قوله : { وآتَيْناه أجْرَهُ فِي الدُّنْيا } يقول : آتيناه مكانه في الجنة . ويقال : أجره : الثناء الحسن . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن مجاهد ، قوله : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : فرجت له السموات فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش وفرِّجت له الأرضون السبع فنظر ما فيهن . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : كشف له عن أديم السموات والأرض حتى نظر إليهنّ على صخرة ، والصخرة على حوت ، والحوت على خاتم ربّ العزّة لا إله إلاَّ الله . حدثنا هناد وابن وكيع ، قالا : ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض ، رأى عبداً على فاحشة ، فدعا عليه فهلك ثم رأى آخر على فاحشة ، فدعا عليه فهلك ثم رأى آخر على فاحشة ، فدعا عليه فهلك ، فقال : أنزلوا عبدي لا يهلك عبادي حدثنا هناد ، قال : ثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، قال : لما رفع الله إبراهيم في الملكوت في السموات ، أشرف فرأى عبداً يزنى ، فدعا عليه فهلك ثم رفع فأشرف فرأى عبداً يزنى ، فدعا عليه فهلك ثم رفع فأشرف فرأى عبداً يزنى ، فدعا عليه ، فنودي : على رَسْلك يا إبراهيم فإنك عبد مستجاب لك وإني من عبدى على ثلاث : إما أن يتوب إليّ فأتوب عليه ، وإما أن أخرج منه ذرّية طيبة ، وإما أن يتمادى فيما هو فيه ، فأنا من ورائه حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ومحمد بن جعفر ، وعبد الوهاب ، عن عوف ، عن أسامة : أن إبراهيم خليل الرحمن حدّث نفسه أنه أرحم الخلق ، وأن الله رفعه حتى أشرف على أهل الأرض ، فأبصر أعمالهم فلما رآهم يعملون بالمعاصي ، قال : اللهمّ دمِّر عليهم فقال له ربه : أنا أرحم بعبادي منك ، اهبط فلعلهم أن يتوبوا إليّ ويرجعوا وقال آخرون : بل معنى ذلك ما أخبر تعالى أنه أراه من النجوم والقمر والشمس . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : الشمس والقمر والنجوم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } قال : الشمس والقمر . حدثنا المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } يعني به : نريه الشمس والقمر والنجوم . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : خُبِىء إبراهيمُ عليه السلام من جبار من الجبابرة ، فجُعل له رزقه في أصابعه ، فإذا مصّ أصبعاً من أصابعه وجد فيها رزقاً . فلما خرج أراه الله ملكوت السموات والأرض فكان ملكوت السموات : الشمس والقمر والنجوم ، وملكوت الأرض : الجبال والشجر والبحار . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أن نبيّ الله إبراهيم عليه السلام فُرّ به من جبار مترف ، فجعل في سَرَب ، وجعل رزقه في أطرافه ، فجعل لا يمُصّ أصبعاً من أصابعه إلاَّ وجد فيها رزقاً فلما خرج من ذلك السَّرَب أراه الله ملكوت السموات ، فأراه شمساً وقمراً ونجوماً وسحاباً وخلقاً عظيماً وأراه ملكوت الأرض ، فأراه جبالاً وبحوراً وأنهاراً وشجراً ومن كلّ الدواب ، وخلقاً عظيماً . وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى الله تعالى بقوله : { وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ } أنه أراه ملك السموات والأرض ، وذلك ما خلق فيهما من الشمس والقمر والنجوم والشجر والدوابّ وغير ذلك من عظيم سلطانه فيهما ، وجلَّى له بواطن الأمور وظواهرها لما ذكرنا قبل من معنى الملكوت في كلام العرب فيما مضى قبل . وأما قوله : { وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ } فإنه يعني : أنه أراه ملكوت السموات والأرض ليكون ممن يتوحد بتوحيد الله ، ويعلم حقية ما هداه له وبصره إياه من معرفة وحدانيته وما عليه قومه من الضلالة من عبادتهم واتخاذهم آلهة دون الله تعالى . وكان ابن عباس يقول في تأويل ذلك ، ما : حدثني به محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ } أنه جلى له الأمر سرّه وعلانيته ، فلم يَخف عليه شيء من أعمال الخلائق فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب ، قال الله : إنك لا تستطيع هذا ، فردّه الله كما كان قبل ذلك . فتأويل ذلك على هذا التأويل : أريناه ملكوت السموات والأرض ، ليكون ممن يوقن علم كلّ شيء حسًّا لا خبراً . حدثني العباس بن الوليد ، قال : أخبرني أبي ، قال : ثنا أبو جابر ، قال : وحدثنا الأوزاعي أيضاً قال : ثني خالد بن الحلاج ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عياش يقول : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة ، فقال له قائل : ما رأيت أسعد منك الغداة قال : " وَمالي وَقَدْ أتانِي رَبي فِي أحْسَنِ صُورَةٍ ، فقال : ففِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأعْلَى يا مُحَمَّدُ ؟ قُلْتُ : أنْتَ أعْلَمُ فَوضَعَ يَدَهُ بينَ كَتِفَيَّ ، فَعَلِمْتُ ما فِي السَّمَوَاتِ والأرْضِ " . ثم تلا هذه الآية : { وكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ } .