Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 90-90)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : { أُولَئِكَ } : هؤلاء القوم الذين وكلنا بآياتنا وليسوا بها بكافرين ، هم الذين هداهم الله لدينه الحقّ ، وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه والقيام بحدوده واتباع حلاله وحرامه والعمل بما فيه من أمر الله والانتهاء عما فيه من نهيه ، فوفقهم جلّ ثناؤه لذلك . { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } يقول تعالى ذكره : فبالعمل الذي عملوا والمنهاج الذي سلكوا وبالهدى الذي هديناهم والتوفيق الذي وفقناهم ، اقتده يا محمد : أي فاعمل وخذ به واسكله ، فإنه عملٌ للَّه فيه رضا ومنهاج من سلكه اهتدى . وهذا التأويل على مذهب من تأوّل قوله : { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكَافِرينَ } أنهم الأنبياء المسَمَّوْنَ في الآيات المتقدمة ، وهو القول الذي اخترناه في تأويل ذلك . وأما على تأويل من تأوّل ذلك أن القوم الذين وكلوا بها هم أهل المدينة ، أو أنهم هم الملائكة ، فإنهم جعلوا قوله : { فإنْ يَكْفُرْ بِها هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِها قَوْماً لَيْسُوا بهَا بِكافِرِينَ } اعتراضاً بين الكلامين ، ثم ردّوا قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } على قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتَابَ والحُكْمَ والنُّبُوةَ } ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحاق وَيَعْقُوبَ } إلى قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } يا محمد . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال بن زيد ، في قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } يا محمد ، { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } ولا تقتد بهؤلاء . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثني أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } . حدثنا عليّ بن داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : ثم قال في الأنبياء الذين سماهم في هذه الآية : { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } . ومعنى الاقتداء في كلام العرب بالرجل : اتباع أثره والأخذ بهديه ، يقال : فلان يقدو فلاناً إذا نحا نحوه واتبع أثره ، قِدَةً وقُدْوَةً وقِدْوَة وقِدْوة . القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرَى للْعَالمِينَ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء الذين أمرتك أن تذكرهم بآياتي أن تَبسل نفس بما كسبت من مشركي قومك يا محمد : لا أسألكم على تذكيري إياكم والهدى الذي أدعوكم إليه والقرآن الذي جئتكم به ، عوضاً أعتاضه منكم عليه وأجراً آخذه منكم ، وما ذلك مني إلا تذكير لكم ولكلّ من كان مثلكم ممن هو مقيم على باطل بأس الله أن يحلّ بكم وسخطه أن ينزل بكم على شرككم به وكفركم ، وإنذار لجميعكم بين يدي عذاب شديد ، لتذكروا وتنزجروا .