Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 95-95)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا تنبيه من الله جلّ ثناؤه هؤلاء العادلين به الآلهة والأوثان على موضع حجته عليهم ، وتعريف منه لهم خطأ ما هم عليه مقيمون من إشراك الأصنام في عبادتهم إياه . يقول تعالى ذكره : إن الذي له العبادة أيها الناس دون كلّ ما تعبدون من الآلهة والأوثان ، هو الله الذي فلق الحبّ ، يعنِي : شقّ الحبّ من كلّ ما ينبت من النبات ، فأخرج منه الزرع والنوى من كلّ ما يغرس مما له نواة ، فأخرج منه الشجر . والحبّ جمع حبة ، والنوى : جمع النواة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } أما فالق الحبّ والنوى : ففالق الحبّ عن السنبلة ، وفالق النواة عن النخلة . حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : يفلق الحبّ والنوى عن النبات . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : الله فالق ذلك ، فلقه فأنبت منه ما أنبت فلق النواة فأخرج منها نبات نخلة ، وفلق الحبة فأخرج نبات الذي خلق . وقال آخرون : معنى « فالق » خالق . ذكر من قال ذلك . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : خالق الحبّ والنوى . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : خالق الحبّ والنوى . وقال آخرون : معنى ذلك أنه فلق الشقّ الذي في الحبة والنواة . ذكر من قال ذلك . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : الشقان اللذان فيهما . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثني المثنى ، قال : ثنا معلى بن أسد ، قال : ثنا خالد ، عن حصين ، عن أبي مالك ، في قول الله : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } قال : الشقّ الذي يكون في النواة وفي الحنطة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن القاسم ابن أبي بزّة ، عن مجاهد : { فالِقُ الحَبّ وَالنَّوَى } قال : الشقان اللذان فيهما . حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : ثني عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } يقول : خالق الحبّ والنوى ، يعني : كل حبة . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي ما قدمنا القول به ، وذلك أن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك بإخباره عن إخراجه الحيَّ من الميت والميت من الحيَّ ، فكان معلوماً بذلك أنه إنما عنى بإخباره عن نفسه أنه فالق الحبّ عن النبات والنوى عن الغروس والأشجار ، كما هو مخرج الحيّ من الميت والميت من الحيّ . وأما القول الذي حُكي عن الضحاك في معنى فالق أنه خالق ، فقولٌ إن لم يكن أراد به أنه خالق منه النبات والغروس بفلقه إياه ، لا أعرف له وجهاً ، لأنه لا يُعرف في كلام العرب فلق الله الشيء بمعنى : خلق . القول في تأويل قوله تعالى : { يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأنَّى تُؤْفَكُونَ } . يقول تعالى ذكره : يخرج السنبل الحيّ من الحبّ الميت ، ومخرج الحبّ الميت من السنبل الحيّ ، والشجر الحيّ من النوى الميت ، والنوى الميت من الشجر الحيّ . والشجر ما دام قائماً على أصوله لم يجفّ والنبات على ساقه لم ييبس ، فإن العرب تسميه حيًّا ، فإذا يبس وجفّ أو قطع من أصله سموه ميتاً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، أما : { يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ } فيخرج السنبلة الحية من الحبة الميتة ، ويخرج الحبة الميتة من السنبلة الحية ، ويخرج النخلة الحية من النواة الميتة ، ويخرج النواة الميتة من النخلة الحية . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن السديّ ، عن أبي مالك : { يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيّ } قال : النخلة من النواة والنواة من النخلة ، والحبة من السنبلة والسنبلة من الحبة . وقال آخرون بما : حدثني به المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيّ } قال : يخرج النطفة الميتة من الحيّ ، ثم يخرج من النطفة بشراً حيًّا . وإنما اخترنا التأويل الذي اخترنا في ذلك ، لأنه عقيب قوله : { إنَّ اللّهَ فالِقُ الحَبّ والنَّوَى } على أن قوله : { يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيّ } وإن كان خبراً من الله عن إخراجه من الحبّ السنبل ومن السنبل الحبّ ، فإنه داخل في عمومه ما رُوي عن ابن عباس في تأويل ذلك وكلّ ميت أخرجه الله من جسم حيّ ، وكلّ حيّ أخرجه الله من جسم ميت . وأما قوله : { ذَلِكُمُ اللّهُ } فإنه يقول : فاعل ذلك كله الله جلّ جلاله . { فَأنَّى تُؤْفَكُونَ } يقول : فأيّ وجوه الصدّ عن الحقّ أيها الجاهلون تصدّون عن الصواب وتُصرفون ، أفلا تتدبرون فتعلمون أنه لا ينبغي أن يجعل لمن أنعم عليكم بفلق الحبّ والنوى ، فأخرج لكم من يابس الحبّ والنوى زروعاً وحروثاً وثماراً تتغذون ببعضه وتفكهون ببعضه ، شريك في عبادته ما لا يضرّ ولا ينفع ولا يسمع ولا يبصر ؟