Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : الله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ، فقوله هو كناية من اسم الله ، والأميون : هم العرب . وقد بيَّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأميّ أميّ . وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } قال : العرب . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثوريّ يحدّث لا أعلمه إلا عن مجاهد أنه قال : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ } : العرب . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } قال كان هذا الحيّ من العرب أمة أمِّيَّة ، ليس فيها كتاب يقرؤونه ، فبعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم رحمة وهُدى يهديهم به . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } قال : كانت هذه الأمة امِّيَّة لا يقرؤون كتاباَ . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } قال : إنما سميت أمة محمد صلى الله عليه وسلم الأميين ، لأنه لم ينزِّل عليهم كتاباً . وقال جلّ ثناؤه { رَسُولاً مِنْهُمْ } يعني من الأميين وإنما قال منهم ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أمِّيًّا ، وظهر من العرب . وقوله : { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ } يقول جلّ ثناؤه : يقرأ على هؤلاء الأميين آيات الله التي أنزلها عليه { وَيُزَكِّيهِمْ } يقول : ويطهرهم من دنس الكفر . وقوله : { وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ } يقول : ويعلمهم كتاب الله ، وما فيه من أمر الله ونهيه ، وشرائع دينه { وَالْحكْمَةَ } يعني بالحكمة : السنن . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَ } أي السنة . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قال : { وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَ } أيضاً كما علم هؤلاء يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة ، ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأوّلين ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { والسَّابقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ } ممن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة ، قال : وقد جعل الله فيهم سابقين ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { والسَّابِقُونَ أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ } وقال : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوّلِين وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرينَ } فثلة من الأوّلين سابقون ، وقليل السابقون من الآخرين ، وقرأ : { وأصحَابُ اليَمِينِ ما أصحَابُ اليَمِينِ } حتى بلغ { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ ، وَثُلَّةٌ مِنَ الآخرِينَ } أيضاً ، قال : والسابقون من الأوّلين أكثروهم من الآخرين قليل ، وقرأ { وَالَّذِينَ جاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا ولإخْوَانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بالإيمَانِ } … الآية ، قال : هؤلاء من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة . وقوله : { وَإنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } يقول تعالى ذكره : وقد كان هؤلاء الأميون من قبل أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم في جَوْر عن قصد السبيل ، وأخذ على غير هدى { مُبِين } يقول : يبين لمن تأمله أنه ضلال وجَوْر عن الحقّ وطريق الرشد .