Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 3-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : وهو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ، وفي آخرين منهم لما يلحقوا بهم فآخرون في موضع خفض عطفاً على الأميين . وقد اختلف في الذين عُنوا بقوله : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ } ، فقال بعضهم : عُنِي بذلك العجم . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثني ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : هم الأعاجم . حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا فضيل بن طلحة ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : هم الأعاجم . حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : الأعاجم . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : الأعاجم . حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثوريّ لا أعلمه إلا عن مجاهد : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : العجم . حدثني محمد بن إسحاق ، قال : ثنا يحيى بن معين ، قال : ثنا هشام بن يوسف ، عن عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن العاص ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عمر ، أنه قال : له : أما إن سورة الجمعة أنزلت فينا وفيكم في قتلكم الكذّاب ، ثم قرأ : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما في السَّمَوَاتِ وَما في الأرْض } حتى بلغ { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : فأنتم هم . حدثنا ابن حُمَيد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : الأعاجم . حدثني محمد بن معمر ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا عبد العزيز وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني سليمان بن بلال ، جميعاً عن ثور بن زيد ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، قال : كنا جلوساً عند النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فنزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال : فلم يراجعه النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرّة أو مرّتين أو ثلاثاً ، قال : وفينا سلمان الفارسيّ ، فوضع النبيّ صلى الله عليه وسلم يده على سلمان فقال : " لَوْ كانَ الإيمَانُ عنْدَ الثُّرَيَّا لَنالَهُ رِجالٌ مِنْ هَؤلاءِ " حدثني أحمد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عمي ، قال : ثنا سليمان بن بلال المدنّي ، عن ثور بن زيد ، عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، قال : " كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه " . وقال آخرون : إنما عُني بذلك جميع من دخل في الإسلام من بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم كائناً من كان إلى يوم القيامة . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : من ردف الإسلام من الناس كلهم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } قال : هؤلاء كلّ من كان بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ، كلّ من دخل في الإسلام من العرب والعجم . وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال : عُنِيَ بذلك كلّ لاحق لحق بالذين كانوا صحبوا النبيّ صلى الله عليه وسلم في إسلامهم من أيّ الأجناس لأن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله : { وآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } كلَّ لاحق بهم من آخرين ، ولم يخصص منهم نوعاً دون نوع ، فكلّ لاحق بهم فهو من الآخرين الذي لم يكونوا في عداد الأوّلين الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم آيات الله وقوله : { لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } يقول : لم يجيئوا بعد وسيجيئون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } يقول : لم يأتوا بعد . وقوله : { وَهُوَ العَزِيزُ الْحكِيم } يقول : والله العزيز في انتقامه ممن كفر به منهم ، الحكيم في تدبيره خلقه . وقوله : { ذلكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مِن يَشاءُ } يقول تعالى ذكره : هذا الذي فعل تعالى ذكره من بعثته في الأميين من العرب ، وفي آخرين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ، ويفعل سائر ما وصف ، فضل الله ، تفضل به على هؤلاء دون غيرهم { يُؤتيهِ مَنْ يَشاءُ } يقول : يؤتي فضله ذلك من يشاء من خلقه ، لا يستحقّ الذمّ ممن حرمه الله إياه ، لأنه لم يمنعه حقاً كان له قبله ولا ظلمه في صرفه عنه إلى غيره ، ولكنه علم مَنْ هُو له أهل ، فأودعه إياه ، وجعله عنده . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن سنان القزاز ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن شبيب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في : { ذلكَ فَضْلُ اللَّهِ يؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ } قال : الفضل : الدين { والله ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ } يقول : الله ذو الفضل على عباده ، المحسن منهم والمسيىء ، والذين بعث فيهم الرسول منهم وغيرهم ، العظيم الذي يقلّ فضل كلّ ذي فضل عنده .