Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 14-14)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله { إن مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوًّا لكُمْ } يَصدّونكم عن سبيل الله ، ويثبطونكم عن طاعة الله { فاحْذَرُوهُمْ } أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة الله . وذُكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة ، فثَّبطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : سأله رجل عن هذه الآية { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } قال : هؤلاء رجال أسلموا ، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأوا الناس قد فقهوا في الدين ، هموا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله جلّ ثناؤه { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم } … الآية . حدثنا هناد بن السريّ ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } قال : كان الرجل يريد أن يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقول له أهله : أين تذهب وتدعنا ؟ قال : وإذا أسلم وفَقِه ، قال : لأرجعنّ إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلنّ ولأفعلنّ ، فأنزل الله جلّ ثناؤه : { وَإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فإن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده ، ولم يألُوا يثبطوه عن ذلك ، فقال الله : إنهم عدوّ لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا ، وامضُوا لشأنكم ، فكان الرجل بعد ذلك إذا مُنِع وثُبط مرّ بأهله وأقسم ، والقسم يمين ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك ، فقال الله جلّ ثناؤه { وَإنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فإن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة التغابن كلها بمكة ، إلا هؤلاء الآيات { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } نزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ ، كان ذا أهل وولد ، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقَّقوه ، فقالوا : إلى من تَدعنا ؟ فيرقّ ويقيم ، فنزلت : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } . الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله { إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } قال : إنهما يحملانه على قطيعة رحمه ، وعلى معصية ربه ، فلا يستطيع مع حبه إلا أن يقطعه . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، إلا أنه قال : فلا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } … الآية ، قال : منهم من لا يأمر بطاعة الله ، ولا ينهى عن معصيته ، وكانوا يبطِّئون عن الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الجهاد . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } قال : ينهون عن الإسلام ، ويُبَطِّئُون عنه ، وهم من الكفار فاحذروهم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُم عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } … الآية ، قال : هذا في أناس من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحيّ ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم ، فيناشدونهم الله أن لا يفارقوهم ، ولا يؤثروا عليهم غيرهم ، فمنهم من يَرِقّ ويرجع إليهم ، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حباب ، قالا : ثنا يحيى بن واضح ، جميعاً عن الحسين بن واقد ، قال : ثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حِجْره ثم قال : " صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : { إنَّما أمْوَالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةً } رأيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أصْبِرْ " ثم أخذ في خطبته اللفظ لأبي كريب عن زيد . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ } قال : يقول : عدوّاً لكم في دينكم ، فاحذروهم على دينكم . حدثني محمد بن عمرو بن عليّ المقدميّ ، قال : ثنا أشعث بن عبد الله ، قال : ثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، في قوله : { إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ } قال : كان الرجل يسلم ، فيلومه أهله وبنوه ، فنزلت : { إنَّ مِنْ أزْوَاجِكُمْ وأوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ } . وقوله : { وَإنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا } يقول : وإن تعفوا أيها المؤمنون عما سلف منهم من صدّهم إياكم عن الإسلام والهجرة وتصفحوا لهم عن عقوبتكم إياهم على ذلك ، وتغفروا لهم غير ذلك من الذنوب { فإنّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لكم لمن تاب من عباده ، من ذنوبكم { رحيمٌ } بكم أن يعاقبكم عليها من بعد توبتكم منها .