Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 15-16)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : ما أموالكم أيها الناس وأولادكم إلا فتنة ، يعني بلاء عليكم في الدنيا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { إنَّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ } يقول : بلاء . وقوله : { وَاللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ } يقول : والله عند ثواب لكم عظيم ، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة الله ربكم ، وأطعتم الله عزّ وجلّ ، وأدّيتم حقّ الله في أموالكم ، والأجر العظيم الذي عند الله الجنة ، كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَاللَّهُ عنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ } وهي الجنة . وقوله : { فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ } يقول تعالى ذكره : واحذروا الله أيها المؤمنون وخافوا عقابه ، وتجنبوا عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، والعمل بما يقرّب إليه ما أطقتم وبلَغه وسعكم . وذُكر أن قوله : { فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ } نزل بعد قوله : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ تخفيفاً عن المسلمين ، وأن قوله { فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ } ناسخ قوله : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ } ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ واسمَعُوا وأطيعُوا } هذه رخصة من الله ، والله رحيم بعباده ، وكان الله جلّ ثناؤه أنزل قبل ذلك : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وحقّ تقاته أن يُطاع فلا يعصى ، ثم خفَّف الله تعالى ذكره عن عباده ، فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال : { فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا } فبما استطعت يا ابن آدم ، عليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطعتم . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ } قال : نسختها : { اتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ } . وقد تقدم بياننا عن معنى الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع وليس في قوله : { فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ } دلالة واضحة على أنه لقوله : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ناسخ ، إذ كان محتملاً قوله : اتقوا الله حقّ تقاته فيما استطعتم ، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان ذلك كذلك ، فالواجب استعمالهما جميعاً على ما يحتملان من وجوه الصحة . وقوله : { واسمَعُوا وأطِيعُوا } يقول : واسمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه { وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأنْفُسِكُمْ } يقول : وأنفقوا مالاً من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب الله ، والخير في هذا الموضع المال . وقوله : { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأُولَئِكَ هُمُ المُفْلحُونَ } يقول تعالى ذكره : ومن يَقِه الله شحّ نفسه ، وذلك اتباع هواها فيما نهى الله عنه . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني أبو معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } يقول : هوى نفسه حيث يتبع هواه ولم يقبل الإيمان . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جامع بن شدّاد ، عن الأسود بن هلال ، عن ابن مسعود { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } قال : أن يعمد إلى مال غيره فيأكله . وقوله : { فأُولَئِكَ هُمُ المُفْلحُونَ } يقول : فهؤلاء الذين وُقُوا شح أنفسهم ، المُنجحون الذين أدركوا طلباتهم عند ربهم .