Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 10-11)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : أعدّ الله لهؤلاء القوم الذين عَتَوا عن أمر ربهم ورسله عذاباً شديداً ، وذلك عذاب النار الذي أعده لهم في القيامة { فاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولي الألباب } يقول تعالى ذكره : فخافوا الله ، واحذروا سخطه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه يا أولي العقول ، كما : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { فاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولي الألبابِ } قال : يا أولي العقول . وقوله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا } يقول : الذين صدّقوا الله ورسله . وقوله : { قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً } اختلف أهل التأويل في المعنيِّ بالذكر والرسول في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الذكر هو القرآن ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً } قال : الذكر : القرآن ، والرسول : محمد صلى الله عليه وسلم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عزّ وجلّ : { قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ذِكْراً } قال : القرآن روح من الله ، وقرأ : { وكَذَلكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحاً مِنْ أمْرِنا } إلى آخر الآية ، وقرأ : { قَدْ أنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً } قال : القرآن ، وقرأ : { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالذّكْرِ لمَّا جاءَهُمْ } قال : بالقرآن ، وقرأ : { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذّكْرَ } قال : القرآن ، قال : وهو الذكر ، وهو الروح . وقال آخرون : الذكر : هو الرسول . والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر ، وذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة . فتأويل الكلام إذن : قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذِكراً من الله لكم يذكركم به ، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله ، والعمل بطاعته ، رسولاً يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه { مُبَيِّنات } يقول : مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله . يقول تعالى ذكره : قد أنزل الله إليكم أيها الناس ذكراً رسولاً ، يتلو عليكم آيات الله مبيِّنات ، كي يخرج الذين صدّقوا الله ورسوله { وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ } يقول : وعملوا بما أمرهم الله به وأطاعوه { مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ } يعني من الكفر وهي الظلمات ، إلى النور : يعني إلى الإيمان . وقوله : { وَمَنْ يُؤْمِنْ باللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً } يقول : ومن يصدّق بالله ويعمل بطاعته { يُدْخِلُهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ } يقول : يُدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار { خالِدِينَ فِيها أبَداً } يقول : ماكثين مقيمين في البساتين التي تجري من تحتها الأنهار أبداً ، لا يموتون ، ولا يخرجون منها أبداً . وقوله : { قَدْ أحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً } يقول : قد وسع الله له في الجنات رزقاً ، يعني بالرزق : ما رزقه فيها من المطاعم والمشارب ، وسائر ما أعدّ لأوليائه فيها ، فطيبه لهم .