Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني تعالى ذكره بقوله : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدتِهِنَّ } يقول : إذا طلقتم نساءكم فطلقوهنّ لطهرهنّ الذي يحصينه من عدّتهن ، طاهراً من غير جماع ، ولا تطلقوهنّ بحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قُرْئهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : الطلاق للعدّة طاهراً من غير جماع . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله { فَطَلِّقُوهُن لِعِدّتِهِنَّ } قال : بالطهر في غير جماع . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله { إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدتِهِنَّ } يقول : إذا طلقتم قال : الطهر في غير جماع . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : طاهراً من غير جماع . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن داود بن حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يرى طلاق السنة طاهراً من غير جماع ، وفي كلّ طهر ، وهي العدّة التي أمر الله بها . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، أن رجلاً سأل ابن عباس فقال : إنه طلق امرأته مائة ، فقال : عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ، ولم تتق الله فيجعل لك مخرجاً ، وقرأ هذه الآية : { ومَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً } ، وقال : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدتِهِنَّ } . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : ثنا شعبة ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد ، عن ابن عباس بنحوه . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا أيوب ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال : كنت عند ابن عباس ، فجاءه رجل فقال : إنه طلق امرأته ثلاثاً ، فسكت حتى ظننا أنه رادّها عليه ، ثم قال : ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ، ثم يقول : يا ابن عباس يا ابن عباس ، وإن الله عزّ وجلّ قال : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجاً ، عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ، قال الله : « يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدتِهِنَّ » . حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت مجاهداً يحدّث عن ابن عباس في هذه الآية : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال ابن عباس : في قبل عدتهنّ . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أُمية ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، أنه قرأ : « فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ » . حدثنا العباس بن عبد العظيم ، قال : ثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : طاهراً في غير جماع . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون بن المغيرة ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، في قوله : { فَطَلِّقُوهنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : طاهراً من غير حيض ، أو حاملاً قد استبان حملها . قال : ثنا هارون ، عن عيسى بن يزيد بن دأب ، عن عمرو ، عن الحسن وابن سيرين ، فيمن أراد أن يطلق ثلاث تطليقات جميعاً في كلمة واحدة ، أنه لا بأس به بعد أن يطلقها في قبل عدتها ، كما أمره الله وكانا يكرهان أن يطلق الرجل امرأته تطليقة ، أو تطليقتين ، أو ثلاثاً ، إذا كان بغير العدّة التي ذكرها الله . حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا عون ، عن ابن سيرين أنه قال في قوله { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : يطلقها وهي طاهر من غير جماع ، أو حَبل يستبين حملها . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : لطهرهنّ . حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : ثنا المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قول الله { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدتِهِنَّ } قال : العدة : القُرْء ، والقُرء : الحيض . والطاهر : الطاهر من غير جماع ، ثم تستقبل ثلاث حِيَض . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدتِهِنَّ } والعدة : أن يطلقها طاهراً من غير جماع تطليقة واحدة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : إذا طهرت من الحيض في غير جماع ، قلت : كيف ؟ قال : إذا طهرت فطلقها من قبل أن تمسها ، فإن بدا لك أن تطلقها أخرى تركتها حتى تحيض حيضة أخرى ، ثم طلقها إذا طهرت الثانية ، فإذا أردت طلاقها الثالثة أمهلتها حتى تحيض ، فإذا طهرت الثالثة ، ثم تعتدّ حيضة واحدة ، ثم تنكح إن شاءت . قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : وقال ابن طاوس : إذا أردت الطلاق فطلقها حين تطهر ، قبل أن تمسها تطليقة واحدة ، لا ينبغي لك أن تزيد عليها ، حتى تخلو ثلاثة قروء ، فإن واحدة تبينها . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } يقول : طلِّقها طاهراً من غير جماع . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : إذا طلقتها للعدة كان مِلكُها بيدك . من طلَّق للعدة جعل الله له في ذلك فسحة ، وجعل له مِلْكاً إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع . حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } قال : طاهراً في غير جماع ، فإن كانت لا تحيض ، فعند غرّة كل هلال . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : طلَّقت امرأتي وهي حائض قال : فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك ، فقال : " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعها حتى تَطْهُرَ ، ثُمَّ تَحِيضَ ، ثُمَّ تَطْهُرَ ، ثُمَّ إنْ شاءَ طَلَّقَها قَبْلَ أنْ يُجامِعَها ، وَإنْ شاءَ أمْسَكَها ، فإنَّها العُدَّةُ التي قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " . قال : ثنا ابن إدريس ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر بنحوه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن مهدي ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمرُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْها ، ثُمَّ لِيُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ ، ثُمَّ تَحِيضَ ، ثُمَّ تَطْهُرَ ، ثُمَّ إنْ شاءَ أمْسَكَها ، فَتِلْكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّساءُ " . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته حائضاً ، فأتى عمر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فأمره أن يراجعها ، ثم يتركها حتى إذا طهرت ثم حاضت طلقها ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " فَهِيَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللَّهُ أنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّساءُ " يقول : حين يطهرن . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس في قوله { فَطَلِّقُوهُنّ لِعَدَّتِهِنَّ } يقول : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً ، فعدتها أن تضع حملها . حدثنا ابن البرقيّ ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عبد العزيز ، سُئل عن قول الله { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعَدَّتِهِنَّ } قال : طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته وهي في قبل عدتها ، وهي طاهر من غير جماع واحدة ، ثم يدعها ، فإن شاء راجعها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة ، وإن أراد أن يطلقها ثلاثاً طلقها واحدة في قبل عدتها ، وهي طاهر من غير جماع ، ثم يدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم يدعها ، حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره . وذُكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبب طلاقه حَفْصة . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر تطليقة ، فأنزلت هذه الآية : { يا أيُّها النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } فقيل : راجعها فإنها صّوامة قوّامة ، وإنها من نسائك في الجنة . وقوله : { وأحْصُوا العِدَّةَ } يقول : وأحصُوا هذه العدّة وأقراءَها فاحفظوها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { وأحْصُوا العِدَّةَ } قال : احفظوا العدّة . وقوله : { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ } يقول : وخافوا الله أيها الناس ربكم فاحذروا معصيته أن تتعدّوا حده ، لا تخرجوا من طلقتم من نسائكم لعدتهنّ من بيوتهنّ التي كنتم أسكنتموهنّ فيها قبل الطلاق حتى تنقضي عدتهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } حتى تنقضي عدتهنّ . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جُرَيج ، قال : قال عطاء : إن أذن لها أن تعتدّ في غير بيته ، فتعتدّ في بيت أهلها ، فقد شاركها إذن في الإثم . ثم تلا : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاِّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَة } قال : قلت هذه الآية في هذه ؟ قال : نعم . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا حيوة بن شريح ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر كان يقول في هذه الآية { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : خروجها قبل انقضاء العدّة . قال ابن عجلان عن زيد بن أسلم : إذا أتت بفاحشة أخرجت . وحدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : ثنا المحاربيّ ، عبد الرحمن بن محمد ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : ليس لها أن تخرج إلا بإذنه ، وليس للزوج أن يخرجها ما كانت في العدّة ، فإن خرجت فلا سُكْنى لها ولا نفقة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ } قال : هي المطلقة لا تخرج من بيتها ، ما دام لزوجها عليها رجعة ، وكانت في عدّة . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ } وذلك إذا طلقها واحدة أو ثنتين لها ما لم يطلقها ثلاثاً . وقوله : { وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } يقول جلّ ثناؤه : لا تخرجوهنّ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة إنها فاحشة لمن عاينها أو علمها . واختلف أهل التأويل في معنى الفاحشة التي ذكرت في هذا الموضع ، والمعنى الذي من أجله أذن الله بإخراجهنّ في حال كونهنّ في العدّة من بيوتهنّ ، فقال بعضهم : الفاحشة التي ذكرها الله في هذا الموضع هو الزنى ، والإخراج الذي أباح الله هو الإخراج لإقامة الحدّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، في قوله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : الزنى ، قال : فتُخْرَج ليُقام عليها الحدّ . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله . حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن صالح بن مسلم ، قال : سألت عامراً قلت : رجل طلق امرأته تطليقة أيخرجها من بيتها ؟ قال : إن كانت زانية . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : إلا أن يزنين . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : قال الله جلّ ثناؤه : { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ } قال : هؤلاء المحصنات ، { فاسْتَشِهدُوا عَلَيهنَّ أربعةً مِنْكُمْ } الآية . قال : فجعل الله سبيلهنّ الرجم ، فهي لا ينبغي لها أن تخرج من بيتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة ، فإذا أتت بفاحشة مبينة أخرجت إلى الحدّ فرجمت ، وكان قبل هذا للمحصنة الحبس تحبس في البيوت لا تترك تنكح ، وكان للبكرين الأذى ، قال الله جلّ ثناؤه : { وَاللَّذَانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فآذُوهُما } يا زان ، يا زانية ، { فإنْ تابا وأصْلَحا فأعْرِضُوا عَنْهُما إنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً } قال : ثم نُسخ هذا كله ، فجعل الرجم للمحصنة والمحصن ، وجعل جلد مائة للبِكْرين ، قال : ونسخ هذا . وقال آخرون : الفاحشة التي عناها الله في هذا الموضع : البَذَاء على أحمائها . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن عباس قال الله : { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : الفاحشة المبينة أن تبذُوَ على أهلها . وقال آخرون : بل هي كل معصية لله . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } والفاحشة : هي المعصية . وقال آخرون : بل ذلك نشوزها على زوجها ، فيطلقها على النشوز ، فيكون لها التحوّل حينئذ من بيتها . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { إلا أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال قتادة : إلا أن يطلقها على نشوز ، فلها أن تحوّل من بيت زوجها . وقال آخرون : الفاحشة المبينة التي ذكر الله عزّ وجلّ في هذا الموضع خروجها من بيتها . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وَلا يَخْرُجْنَ إلا أنْ يَأتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : خروجها من بيتها فاحشة . قال بعضهم : خروجها إذا أتت بفاحشة أن تخرج فيُقام عليها الحدّ . حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثنا سعيد بن الحكم ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب قال : ثني محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، في قوله : { لا تُخْرِجُوهُن مِنْ بُيُوتهِنِّ وَلا يَخْرُجْنَ إلا أنْ يَأْتِينَ بفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قال : خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة . والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال : عنى بالفاحشة في هذا الموضع : المعصية ، وذلك أن الفاحشة هي كلّ أمر قبيح تعدّى فيه حدّه ، فالزنى من ذلك ، والسرقة والبذاء على الأحماء ، وخروجها متحوّلة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتدّ فيه منه ، فأيّ ذلك فعلت وهي في عدتها ، فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك ، لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها . وقوله : { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } يقول تعالى ذكره : وهذه الأمور التي بينتها لكم من الطلاق للعدّة ، وإحصاء العدّة ، والأمر باتقاء الله ، وأن لا تخرج المطلقة من بيتها ، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة حدود الله التي حدّها لكم أيها الناس فلا تعتدوها { وَمَنْ يَتَعَدّ حُدُودَ اللَّهِ فقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } يقول تعالى ذكره : ومن يتجاوز حدود الله التي حدّها لخلقه فقد ظلم نفسه : يقول : فقد أكسب نفسه وزراً ، فصار بذلك لها ظالماً ، وعليها متعدّياً . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا عليّ بن عبد الأعلى ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك في قول الله { وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } يقول : تلك طاعة الله فلا تعتدوها ، قال : يقول : من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه . وقوله : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلك أمْراً } يقول جلّ ثناؤه : لا تدري ما الذي يحدث ؟ لعل الله يحدث بعد طلاقكم إياهنّ رجعةٍ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ ، أن فاطمة بنت قيس كانت تحت أبي حفص المخزومي ، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَّر علياً على بعض اليمن ، فخرج معه ، فبعث إليها بتطليقة كانت لها ، وأمر عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، والحارث بن هشام أن ينفقا عليها ، فقالا : لا والله ما لها علينا نفقة ، إلا أن تكون حاملاً ، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فلم يجعل لها نفقة إلا أن تكون حاملاً ، واستأذنته في الانتقال ، فقالت : أين أنتقل يا رسول الله ؟ قال : " عِنْدَ ابْنِ أُمّ مَكْتُومٍ " وكان أعمى ، تضع ثيابها عنده ، ولا يبصرها فلم تزل هنالك حتى أنكحها النبيّ صلى الله عليه وسلم أُسامة بن زيد حين مضت عدتها ، فأرسل إليها مروان بن الحكم يسألها عن هذا الحديث ، فأخبرته ، فقال مروان : لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة ، وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها ، فقالت فاطمة : بيني وبينكم الكتاب ، قال الله جلّ ثناؤه : { فَطَلِّقُوهُن لِعِدَّتِهِنَّ } حتى بلغ { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قالت : فأيّ أمر يحدث بعد الثلاث ، وإنما هو في مراجعة الرجل امرأته ، وكيف تحبس امرأة بغير نفقة ؟ حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قال : هذا في مراجعة الرجل امرأته . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } : أي مراجعة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قال : يراجعها في بيتها هذا في الواحدة والثنتين ، هو أبعد من الزنى . قال : سعيد ، وقال الحسن : هذا في الواحدة والثنتين ، وما يحدث الله بعد الثلاث . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا أيوب ، قال : سمعت الحسن وعكرِمة يقولان : المطلقة ثلاثاً ، والمتوفى عنها لا سكنى لها ولا نفقة قال : فقال عكرمة { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } فقال : ما يحدث بعد الثلاث . حدثنا عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } يقول : لعلّ الرجل يراجعها في عدتها . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } هذا ما كان له عليها رجعة . حدثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قال : الرجعة . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قال : لعلّ الله يحدث في قلبك تراجع زوجتك قال : قال : ومن طلق للعدّة جعل الله له في ذلك فسحة ، وجعل له ملكاً إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلكَ أمْراً } قال : لعله يراجعها . وقوله : { فإذَا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ } يقول تعالى ذكره : فإذا بلغ المطلقات اللواتي هنّ في عدة أجلهنّ وذلك حين قرب انقضاء عددهنّ { فأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } يقول : فأمسكوهنّ برجعة تراجعوهن ، إن أردتم ذلك { بمعروف } يقول : بما أمرك الله به من الإمساك وذلك باعطائها الحقوق التي أوجبها الله عليه لها من النفقة والكسوة والمسكن وحُسن الصحبة ، أو فارقوهنّ بمعروف ، أو اتركوهنّ حتى تنقضي عددهنّ ، فتبين منكم بمعروف ، يعني بإيفائها ما لها من حق قبله من الصداق والمتعة على ما أوجب عليها لها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن عبد الأعلى ، قال : ثني المحاربي عبد الرحمن بن محمد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قوله : { فإذَا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ } يقول : إذا انقضت عدتها قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة ، أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض ، يقول : فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي العدّة بإمساك بمعروف ، والمعروف أن تحسن صحبتها { أوْ تَسْريحٌ بإحْسانٍ } والتسريح بإحسان : أن يدعها حتى تمضي عدتها ، ويعطيها مهراً إن كان لها عليه إذا طلقها ، فذلك التسريح بإحسان ، والمُتعة على قدر الميسرة . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { فإذَا بَلَغْنَ أجَلَهُن } قال : إذا طلقها واحدة أو ثنتين ، يشاء أن يمسكها بمعروف ، أو يسرّحها بإحسان . وقوله : { وأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وأشهدوا على الإمساك إن أمسكتموهنّ ، وذلك هو الرجعة ذوي عدل منكم ، وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما . وقد بيَّنا فيما مضى قبل معنى العدل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وذكرنا ما قال أهل العلم فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : إن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها ، أشهد رجلين كما قال الله : { وأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } عند الطلاق وعند المراجعة ، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين ، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه بواحدة ، وهي أملك بنفسها ، ثم تتزوّج من شاءت ، هو أو غيره . حدثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } قال : على الطلاق والرجعة . وقوله : { وأقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ } يقول : وأشهدوا على الحقّ إذا استشهدتم ، وأدّوها على صحة إذا أنتم دُعيتم إلى أدائها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وأقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ } قال : أشهدوا على الحقّ . وقوله : { ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ } يقول تعالى ذكره : هذا الذي أمرتكم به ، وعرّفتكم من أمر الطلاق ، والواجب لبعضكم على بعض عند الفراق والإمساك عظة منا لكم ، نعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فيصدّق به . وعُنِي بقوله : { مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ } من كانت صفته الإيمان بالله ، كالذي : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَوْم الآخِرِ } قال : يؤمن به . وقوله : { وَمَنْ يَتَّق اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } يقول تعالى ذكره : من يخف الله فيعمل بما أمره به ، ويجتنب ما نهاه عنه ، يجعل له من أمره مخرجا بأن يعرّفه بأن ما قضى فلا بدّ من أن يكون ، وذلك أن المطلق إذا طلَّق ، كما ندبه الله إليه للعدّة ، ولم يراجعها في عدتها حتى انقضت ثم تتبعها نفسه ، جعل الله له مخرجا فيما تتبعها نفسه ، بأن جعل له السبيل إلى خطبتها ونكاحها ، ولو طلقها ثلاثاً لم يكن له إلى ذلك سبيل . وقوله : { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } يقول : ويسبب له أسباب الرزق من حيث لا يشعر ، ولا يعلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وذكر بعضهم أن هذه الآية نزلت بسبب عوف بن مالك الأشجعيّ . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن صَلْت ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق عن عبد الله ، في قوله : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : يعلم أنه من عند الله ، وأن الله هو الذي يعطي ويمنع . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : المخرج أن يعلم أن الله تبارك وتعالى لو شاء أعطاه وإن شاء منعه ، { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } قال : من حيث لا يدري . حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، مثله . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } يقول : نجاته من كلّ كرب في الدنيا والآخرة ، { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : من كلّ شيء ضاق على الناس . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : من طلق كما أمره الله يجعل له مخرجاً . حدثني عليّ بن عبد الأعلى المحاربيّ ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسراً ، قال : يعني بالمخرج واليُسر إذا طلق واحدة ثم سكت عنها ، فإن شاء راجعها بشهادة رجلين عدلين ، فذلك اليُسر الذي قال الله ، وإن مضت عدتها ولم يراجعها ، كان خاطباً من الخطاب ، وهذا الذي أمر الله به ، وهكذا طلاق السنة فأما من طلق عند كلّ حيضة فقد أخطأ السنة ، وعصى الربّ ، وأخذ بالعسر . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : يطلق للسُّنة ، ويراجع للسُّنة زعم أن رجلاً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يقال له عوف الأشجعيّ ، كان له ابن ، وأن المشركين أسروه ، فكان فيهم ، فكان أبوه يأتي النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيشكوا إليه مكان ابنه ، وحالته التي هو بها وحاجته ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرْه بالصبر ويقول له : " إن الله سيجعل له مخرجاً " فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيراً إذا انفلت ابنه من أيدي العدوّ ، فمرّ بغنم من أغنام العدوّ فاستاقها ، فجاء بها إلى أبيه ، وجاء معه بغنًى قد أصابه من الغنم ، فنزلت هذه الآية : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عمار بن أبي معاوية الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : نزلت في رجل من أشجع جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مجهود ، فسأله فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : " اتَّقِ اللَّهَ وَاصْبِرْ " قال : قد فعلت ، فأتى قومه ، فقالوا : ماذا قال لك ؟ قال : قال : " اتق الله واصبر " فقلت : قد فعلت حتى قال ذلك ثلاثاً ، فرجع فإذا هو بابنه كان أسيراً في بني فلان مِن العرب ، فجاء معه بأعنز ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن ابني كان أسيراً في بني فلان ، وإنه جاء بأعنز ، فطابت لنا ؟ قال : " نعم " . قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد في قوله { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : نزلت في رجل من أشجع أصابه الجهد ، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : " اتَّقِ اللَّهَ وَاصْبِرْ " فرجع فوجد ابناً له كان أسيراً ، قد فكه الله من أيديهم ، وأصاب أعنزا ، فجاء ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل تطيبُ لي يا رسول الله ؟ قال : " نَعَمْ " . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن المنذر الثوريّ ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم { يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا } قال : من كلّ شيء ضاق على الناس . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : يعلم أن الله إن شاء منعه ، وإن شاء أعطاه { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } يقول : من حيث لا يدري . قال : ثنا مهران ، عن سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة { يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } قال : من شُبُهات الأمور ، والكرب عند الموت { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } : من حيث لا يرجو ولا يؤمل . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } لا يأمل ولا يرجو . وقوله : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } يقول تعالى ذكره : ومن يتق الله في أموره ، ويفوّضها إليه فهو كافيه . وقوله : { إنَّ اللَّهَ بالِغُ أمْرِهِ } منقطع عن قوله { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } . ومعنى ذلك : إن الله بالغ أمره بكل حال توكل عليه العبد أو لم يتوكل عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بالِغُ أمْرِهِ } توكل عليه أو لم يتوكل عليه ، غير أن المتوكل يُكَفِّرْ عنه سيئاته ، ويُعْظِم له أجراً . حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق بنحوه . حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن صلت عن قيس ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } قال : ليس بمتوكل الذي قد قُضِيت حاجته ، وجعل فضل من توكل عليه على من لم يتوكل أن يكفرَ عنه سيئاته ، ويُعْظمَ له أجراً . قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن الشعبيّ ، قال : تجالس شُتير بن شكل ومسروق ، فقال شُتير : إما أن تحدّث ما سمعت من ابن مسعود فأصدّقك ، وإما أن أحدث فتصدّقني ؟ قال مسروق : لا بل حدّث فأصدّقك ، فقال : سمعت ابن مسعود يقول : إن أكبر آية في القرآن تفوّضاً : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ على اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } قال مسروق : صدقت . وقوله : { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً } يقول تعالى ذكره : قد جعل الله لكلّ شيء من الطلاق والعدّة وغير ذلك حدّاً وأجلاً وقدراً يُنتهى إليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً } قال : أجلاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً } قال : منتهى . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق مثله . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً } قال : الحيض في الأجل والعدّة .