Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-7)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : أسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم { من وُجْدِكُم } : يقول : من سعتكم التي تجدون وإنما أمر الرجال أن يعطوهنّ مسكناً يسكنه مما يجدونه ، حتى يقضين عِدَدهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } يقول : من سعتكم . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { مِنْ وُجْدِكُمْ } قال : من سعتكم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } قال : من سعتكم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، قوله : { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } فإن لم تجد إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } قال : المرأة يطلقها ، فعليه أن يسكنها ، وينفق عليها . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ : { أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ } قال : من مقدرتك حيث تقدر ، فإن كنت لا تجد شيئاً ، وكنت في مسكن ليس لك ، فجاء أمر أخرجك من المسكن ، وليس لك مسكن تسكن فيه ، وليس تجد فذاك ، وإذا كان به قوّة على الكراء فذاك وجده ، لا يخرجها من منزلها ، وإذا لم يجد وقال صاحب المسكن : لا أنزل هذه في بيتي فلا ، وإذا كان يجد ، كان ذلك عليه . وقوله : { وَلا تُضارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } يقول جلّ ثناؤه : ولا تضارّوهنّ في المسكن الذي تسكنونهنّ فيه ، وأنتم تجدون سعة من المنازل أن تطلبوا التضييق عليهنّ ، فذلك قوله { لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } يعني : لتضيقوا عليهنّ في المسكن مع وجودكم السعة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتضَيِّقوا عَلَيْهِنَّ } قال : في المسكن . حدثني محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { مِنْ وُجْدِكُمْ } قال : من ملككم ، من مقدرتكم . وفي قوله { وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } قال : لتضيقوا عليهنّ مساكنهنّ حتى يخرجن . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } قال : ليس ينبغي له أن يضارّها ويضيق عليها مكانها حتى يضعن حملهنّ هذا لمن يملك الرجعة ، ولمن لا يملك الرجعة . وقوله : { وَإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنْفِقُوا عَلَيْهنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } يقول تعالى ذكره : وإن كان نساؤكم المطلقات أولات حمل وكنّ بائنات منكم ، فأنفقوا عليهنّ في عدتهنّ منكم حتى يضعن حملهنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فهذه المرأة يطلقها زوجها ، فيبتّ طلاقها وهي حامل ، فيأمره الله أن يسكنها ، وينفق عليها حتى تضع ، وإن أرضعت فحتى تفطم ، وإن أبان طلاقها ، وليس بها حبل ، فلها السكنى حتى تنقضي عدتها ولا نفقة ، وكذلك المرأة يموت عنها زوجها ، فإن كانت حاملاً أنفق عليها من نصيب ذي بطنها إذا كان ميراث ، وإن لم يكن ميراث أنفق عليها الوارث حتى تضع وتفطم ولدها كما قال الله عزّ وجلّ : { وَعلى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلكَ } فإن لم تكن حاملاً ، فإن نفقتها كانت من مالها . حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وَإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال : ينفق على الحبلىَ إذا كانت حاملاً حتى تضع حملها . وقال آخرون : عُنِي بقوله : { وَإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } كلّ مطلقة ، ملك زوجُها رجْعَتَهَا أو لم يملك . وممن قال ذلك : عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما . ذكر الرواية عنهما بذلك : حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : كان عمرو وعبد الله يجعلان للمطلقة ثلاثاً : السكنى ، والنفقة ، والمتعة . وكان عمر إذا ذكر عنده حديث فاطمة بنت قيس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتدّ في غير بيت زوجها ، قال : ما كنا لنجيز في ديننا شهادة امرأة . حدثني نصر بن عبد الرحمن الأَوْدِيّ ، قال : ثنا يحيى بن إبراهيم ، عن عيسى بن قرطاس ، قال : سمعت عليّ بن الحسين يقول في المطلقة ثلاثاً : لها السكنى ، والنفقة والمتعة ، فإن خرجت من بيتها فلا سكنى ولا نفقة ولا متعة . حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : للمطلقة ثلاثاً : السكنى والنفقة . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : إذا طلق الرجل ثلاثاً ، فإن لها السكنى والنفقة . والصواب من القول في ذلك عندنا أن لا نفقة للمبتوتة إلا أن تكون حاملاً ، لأن الله جلّ ثناؤه جعل النفقة بقوله { وَإنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فأنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ } للحوامل دون غيرهنّ من البائنات من أزواجهن ولو كان البوائن من الحوامل وغير الحوامل في الواجب لهنّ من النفقة على أزواجهنّ سواء ، لم يكن لخصوص أولات الأحمال بالذكر في هذا الموضع وجه مفهوم ، إذ هنّ وغيرهنّ في ذلك سواء ، وفي خصوصهن بالذكر دون غيرهنّ أدلّ الدليل على أن لا نفقة لبائن إلا أن تكون حاملاً . وبالذي قلنا في ذلك صحّ الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعيّ ، قال : ثنا يحيى بن أبي كثير ، قال : ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثتني فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس أن أبا عمرو المخزوميّ ، طلقها ثلاثاً فأمر لها بنفقة فاستقلتها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه نحو اليمن ، فانطلق خالد بن الوليد في نفر من بني مخزوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند ميمونة ، فقال : يا رسول الله إن أبا عمرو طلق فاطمة ثلاثاً ، فهل لها من نفقة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ " فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن " انتقلي إلى بيت أمّ شريك " وأرسل إليها " أن لا تسبقيني بنفسك " ثم أرسل إليها " أنّ أمّ شريك يأتيها المهاجرون الأوّلون ، فانتقلي إلى ابن أمّ مكتوم ، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك " فزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسامة بن زيد . وقوله : { فإنْ أرْضَعْنَ لَكُمْ فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } يقول جلّ ثناؤه : فإن أرضع لكم نساؤكم البوائن منكم أولادهنّ الأطفال منكم بأجرة ، فآتوهنّ أجورهنّ على رضاعهنّ إياهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك أنه قال في الرضاع : إذا قام على شيء فأمّ الصبيّ أحقّ به ، فإن شاءت أرضعته ، وإن شاءت تركته إلا أن لا يقبل من غيرها ، فإذا كان كذلك أُجْبِرت على رضاعه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فإنْ أرْضَعْنَ لَكُمْ فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } هي أحقّ بولدها أن تأخذه بما كنتَ مسترضِعاً به غيرَها . حدثنا محمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { فإنْ أرْضَعْنَ لَكُمْ فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } قال : ما تراضوا عليه « على الموسع قدره ، وعلى المقتر قدره » . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم في الصبيّ إذا قام على ثمن فأمه أحقّ أن ترضعه ، فإن لم يجد له من يرضعه أجبرت الأم على الرضاع . قال : ثنا مهران ، عن سفيان { فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } قال : إن أرضعت لك بأجر فهي أحقّ من غيرها ، وإن هي أبت أن ترضعه ولم تواتك فيما بينك وبينها عاسرتك في الأجر فاسترضع له أخرى . وقوله : { وأتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } يقول تعالى ذكره : وليقبل بعضكم أيها الناس من بعض ما أمركم بعضكم به بعضاً من معروف . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في وقوله : { وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } قال : اصنعوا المعروف فيما بينكم . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } حثّ بعضهم على بعض . وقوله : { وَإنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } يقول : وإن تعاسر الرجل والمرأة في رضاع ولدها منه ، فامتنعت من رضاعه ، فلا سبيل له عليها ، وليس له إكراهها على إرضاعه ، ولكنه يستأجر للصبيّ مرضعة غير أمه البائنة منه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { وَإنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } قال : إن أبت الأم أن ترضع ولدها إذا طلقها أبوه التمس له مرضعة أخرى ، الأمّ أحقّ إذا رضيت من أجر الرضاع بما يرضى به غيرها ، فلا ينبغي له أن ينتزع منها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : إن هي أبت أن ترضعه ولم تواتك فيما بينها وبينك عاسرتك في الأجر ، فاسترضع له أخرى . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : { وَإنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ } قال : فرض لها من قدر ما يجد ، فقالت : لا أرضى هذا قال : وهذا بعد الفراق ، فأما وهي زوجته فإنها ترضع له طائعة ومكرهة إن شاءت وإن أبت ، فقال لها : ليس لي زيادة على هذا إن أحببت أن ترضعي بهذا فأرضعي ، وإن كرهت استرضعت ولدي ، فهذا قوله : { وَإنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } . وقوله : { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ } : يقول تعالى ذكره : لينفق الذي بانت منه امرأته إذا كان ذا سعة من المال ، وغني من سعة ماله وغناه على امرأته البائنة في أجر رضاع ولده منها ، وعلى ولده الصغير { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } يقول : ومن ضيق عليه رزقه فلم يوسع عليه ، فلينفق مما أعطاه الله على قدر ماله ، وما أعطى منه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } قال : من سعة موجده ، قال : { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } قال : من قتر عليه رزقه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } يقول : من طاقته . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ } قال : فرض لها من قدر ما يجد . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثني ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } قال : على المطلقة إذا أرضعت له . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي سنان ، قال : سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن أبي عُبيدة ، فقيل له : إنه يلبس الغليظ من الثياب ، ويأكل أخشن الطعام ، فبعث إليه بألف دينار ، وقال للرسول : انظر ما يصنع إذا هو أخذها ، فما لبث أن لبس ألين الثياب ، وأكل أطيب الطعام ، فجاء الرسول فأخبره ، فقال رحمه الله : تأوّل هذه الآية { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيَنْفِقْ مِمَّا آتاه اللَّهُ } . وقوله : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ ما آتاها } يقول : لا يكلف الله أحداً من النفقة على من تلزمه نفقته بالقرابة والرحم لا ما أعطاه ، إن كان ذا سعة فمن سعته ، وإن كان مقدوراً عليه رزقه فمما رزقه الله على قدر طاقته ، لا يُكلف الفقير نفقة الغنيّ ، ولا أحدَ من خلقه إلا فرضه الذي أوجبه عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ ما آتاها } قال : يقول : لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغنيّ . حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ، قال : ثنا سفيان ، عن هشيم { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ ما آتاها } قال : إلا ما افترض عليها . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ ما آتاها } يقول : إلا ما أطاقت . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ ما آتاها } قال : لا يكلفه الله أن يتصدّق وليس عنده ما يتصدّق به ، ولا يكلفه الله أن يزكي وليس عنده ما يزكي . يقول تعالى ذكره : { سَيَجْعَل اللَّهُ } للمقلّ من المال المقدور عليه رزقه { بَعْدَ عُسْر يُسْراً } يقول : من بعد شدّة رخاء ، ومن بعد ضيق سعة ، ومن بعد فقر غنى . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } بعد الشدة الرخاء .