Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 3-3)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : { وَإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ } محمد صلى الله عليه وسلم { إلى بَعْض أزْوَاجِهِ } ، وهو في قول ابن عباس وقتادة وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن بن زيد والشعبي والضحاك بن مزاحم : حَفْصَةُ . وقد ذكرنا الرواية في ذلك قبل . وقوله : { حَديثاً } والحديث الذي أسرّ إليها في قول هؤلاء هو قوله لمن أسرّ إليه ذلك من أزواجه تحريمُ فتاته ، أو ما حرّم على نفسه مما كان الله جلّ ثناؤه قد أحله له ، وحلفه على ذلك وقوله : " لا تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ " . وقوله : { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } يقول تعالى ذكره : فلما أخبرت بالحديث الذي أسرّ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبتها { وأظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ } يقول : وأظهر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على أنها قد أنبأت بذلك صاحبتها . وقوله : { عَرَّفَ بَعْضَهُ وأعْرَضَ عَنْ بَعْض } اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير الكسائي : { عَرَّفَ } بتشديد الراء ، بمعنى : عرّف النبيّ صلى الله عليه وسلم حفصة بعض ذلك الحديث وأخبرها به ، وكان الكسائي يذكر عن الحسن البصريّ وأبي عبد الرحمن السلمي وقتادة ، أنهم قرأوا ذلك : « عَرَفَ » بتخفيف الراء ، بمعنى : عرف لحفصة بعض ذلك الفعل الذي فعلته من إفشائها سرّه ، وقد استكتمها إياه : أي غضب من ذلك عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجازاها عليه من قول القائل لمن أساء إليه : لأعرفنّ لك يا فلان ما فعلت ، بمعنى : لإجازينك عليه قالوا : وجازاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من فعلها بأن طلقها . وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه { عَرَّفَ بَعْضَهُ } بتشديد الراء ، بمعنى : عرّف النبيّ صلى الله عليه وسلم حفصة ، يعني ما أظهره الله عليه من حديثها صاحبتها لإجماع الحجة من القرّاء عليه . وقوله : { وأعْرَضَ عَنْ بَعْض } يقول : وترك أن يخبرها ببعض . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجِهِ حَدِيثاً } قوله لها : لا تذكريه { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وأظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضهُ وأعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ } وكان كريماً صلى الله عليه وسلم . وقوله : { فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ } يقول : فلما خبر حفصة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بما أظهره الله عليه من إفشائها سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عائشة { قالت منْ أنْبأَكَ هَذَا } يقول : قالت حفصةُ لرسول الله : من أنبأك هذا الخبر وأخبرك به قالَ { نَبَّأَنَي العَلِيمُ الخَبِيرُ } يقول تعالى ذكره : قال محمد نبيّ الله لحفصة : خبرني به العليم بسرائر عباده ، وضمائر قلوبهم ، الخبير بأمورهم ، الذي لا يخفى عنه شيء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أنْبَأَكَ هَذَا } ولم تشكّ أن صاحبتها أخبرت عنها قالَ { نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الخَبِيرُ } .