Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 4-4)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : إن تتوبا إلى الله أيتها المرأتان فقد مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتنابه جاريته ، وتحريمها على نفسه ، أو تحريم ما كان له حلالاً مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } يقول : زاغت قلوبكما ، يقول : قد أثمت قلوبكما . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن مجاهد قال : كنا نرى أن قوله : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } شيء هين ، حتى سمعت قراءة ابن مسعود : « إن تَتُوبا إلى اللَّهُ فَقَدْ زاغَتْ قُلُوبَكُما » . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } : أي مالت قلوبكما . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن قتادة { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } مالت قلوبكما . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } يقول : زاغت . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال : زاغت قلوبكما . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ابن زيد ، قال الله عزّ وجلّ : { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال : سرهما أن يجتنب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته ، وذلك لهما موافق { صَغَتْ قُلُوبَكُما } إلى أن سرّهما ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله : { وَإنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } يقول تعالى ذكره للتي أسّر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ، والتي أفشت إليها حديثه ، وهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي ثور ، عن ابن عباس قال : لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اللتين قال الله جلّ ثناؤه : { إنْ تَتْوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال : فحجّ عمر ، وحججت معه ، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر ، وعدلت معه بإداوة ، ثم أتاني فسكبت على يده وتوضأ فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله لهما : { إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبَكُما } قال عمر : واعجبا لك يا ابن عباس قال الزهري : وكره والله ما سأله ولم يكتم ، قال : هي حفصة وعائشة قال : ثم أخذ يسوق الحديث ، فقال : كنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة ، ثم ذكر الحديث بطوله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن أشهب ، عن مالك ، عن أبي النضر ، عن عليّ بن حسين ، عن ابن عباس ، أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن المتطاهرتين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : عائشة وحفصة . حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس يقول : مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين ، فما أجد له موضعاً أسأله فيه حتى خرج حاجاً ، وصحبته حتى إذا كان بمرّ الظَّهران ذهب لحاجته ، وقال : أدركني بإداوة من ماء فلما قضى حاجته ورجع ، أتيته بالإداوة أصبها عليه ، فرأيت موضعاً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان المتظاهرتان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فما قضيت كلامي حتى قال : عائشة وحفصة رضي الله عنهما . حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : ثنا عمر بن يونس ، قال : ثنا عكرمة بن عمار ، قال : ثنا سماك أبو زميل ، قال : ثني عبد الله بن عباس ، قال : ثني عمر بن الخطاب ، قال : لما اعتزل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب ، فقلت : يا رسول الله ما شقّ عليك من شأن النساء ، فلئن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته ، وجبرائيل وميكائيل ، وأنا وأبو بكر معك ، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام ، إلا رجوت أن يكون الله مصدّق قولي ، فنزلت هذه الآية ، آية التخيير : { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدِلَهُ أزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ } ، { وَإنْ تَظاهَرَا عَلَيْهِ فإنَّ اللَّهَ هُوَ مُوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ … } الآية ، وكانت عائشة ابنة أبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَإنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } يقول : على معصية النبيّ صلى الله عليه وسلم وأذاه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قال ابن عباس لعمر : يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن أمر وإني لأهابك ، قال : لا تهبني ، فقال : من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : عائشة وحفصة . وقوله : { فإنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } يقول : فإن الله هو وليه وناصره ، وصالح المؤمنين ، وخيار المؤمنين أيضاً مولاه وناصره . وقيل : عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع : أبو بكر ، وعمر رضي الله عنهما . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ بن الحسن الأزدي ، قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن عبد الوهاب ، عن مجاهد ، في قوله { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } قال : أبو بكر وعمر . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك ، في قوله : { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } قال : خيار المؤمنين أبو بكر الصدّيق وعمر . حدثنا إسحاق بن إسرائيل ، قال : ثنا الفضل بن موسى السيناني من قرية بمرو يقال لها سينان عن عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله : { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } قال : أبو بكر وعمر . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } يقول : خيار المؤمنين . وقال آخرون : عُنِي بصالح المؤمنين : الأنبياء صلوات الله عليهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ } قال : هم الأنبياء . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله { وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ } قال : هم الأنبياء . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } قال الأنبياء . والصواب من القول في ذلك عندي : أن قوله : { وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } وإن كان في لفظ واحد ، فإنه بمعنى الجميع ، وهو بمعنى قوله { إنَّ الإنْسانَ لَفِي خَسْر } فالإنسان وإن كان في لفظ واحد ، فإنه بمعنى الجميع ، وهو نظير قول الرجل : لا تَقريَنّ إلا قارىء القرآن ، يقال : قارىء القرآن ، وإن كان في اللفظ واحداً ، فمعناه الجمع ، لأنه قد أذن لكلّ قارىء القرآن أن يقريه ، واحداً كان أو جماعة . وقوله : { وَالمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلكَ ظَهِيرٌ } يقول : والملائكة مع جبريل وصالح المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعوان على من آذاه ، وأراد مساءته . والظهير في هذا الموضع بلفظ واحد في معنى جمع . ولو أخرج بلفظ الجميع لقيل : والملائكة بعد ذلك ظهراء . وكان ابن زيد يقول في ذلك ما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَإنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فإن اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْريلُ وَصَالِحُ المؤْمِنِينَ } قال : وبدأ بصالح المؤمنين ها هنا قبل الملائكة ، قال : { والمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلكَ ظَهِيرٌ } .