Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 5-5)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره : عسى ربّ محمد إن طلقكنّ يا معشر أزواج محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدله منكنّ أزواجاً خيراً منكن . وقيل : إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيراً من الله نساءه لما اجتمعن عليه في الغيرة . ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهنّ : عسى ربه إن طلقهن أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ ، قال : فنزل كذلك . حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن حميد ، عن أنس ، عن عمر ، قال : يلغني عن بعض أمهاتنا ، أمهات المؤمنين شدّة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاهنّ إياه ، فاستقريتهنّ امرأة امرأة ، أعظها وأنهاها عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقول : إن أبيتنّ أبدله الله خيراً منكن ، حتى أتيت ، حسبت أنه قال على زينب ، فقالت : يا بن الخطاب ، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ أنت ؟ فأمسكت ، فأنزل الله { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدِلَهُ أزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ } . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال عمر بن الخطاب : يلغني عن أمهات المؤمنين شيء ، فاستقريتهنّ أقول : لتكففن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ليبدلنه الله أزواجاً خيراً منكنّ ، حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين ، فقالت : يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ أنت ؟ فكففت ، فأنزل الله { عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدلَهُ أزْوَجا خَيْرا مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤْمِناتٍ } … الآية . واختلفت القرّاء في قراءة قوله : { أنْ يُبْدِلَهُ } فقرأ ذلك بعض قرّاء مكة والمدينة والبصرة بتشديد الدال : « يبدّله أزواجاً » من التبديل وقرأه عامة قرّاء الكوفة : { يُبْدِ له } بتخفيف الدال من الإبدال . والصواب من القول أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وقوله : { مُسْلِماتٍ } يقول : خاضعات لله بالطاعة مُؤْمِناتٍ يعني مصدّقات بالله ورسوله . وقوله { قَانِتات } يقول : مطيعات لله ، كما : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله { قانتاتٍ } قال : مطيعات . حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { قانِتاتٍ } قال مطيعات . وقوله : { تائِباتٍ } يقول : راجعات إلى ما يحبه الله منهنّ من طاعته عما يكرهه منهنّ { عابِدَاتٍ } يقول : متذللات لله بطاعته . وقوله { سائحاتٍ } يقول : صائمات . واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { سائحات } فقال بعضهم : معنى ذلك : صائمات . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { سائحات } قال : صائمات . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { سَائحاتٍ } قال : صائمات . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال { السَّائحات } : الصائمات . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { سائحاتٍ } يعني : صائمات . وقال آخرون : السائحات : المهاجرات . ذكر من قال ذلك : حدثنا إسحق بن إسرائيل ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد الدراورديّ ، عن زيد بن أسلم ، قال : السائحات : المهاجرات . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { سائحات } قال : مهاجرات ليس في القرآن ، ولا في أمة محمد سياحة إلا الهجرة ، وهي التي قال الله { السَّائحُونَ } وقد بيَّنا الصواب من القول في معنى السائحين فيما مضى قبل بشواهده مع ذكرنا أقوال المختلفين فيه ، وكرهنا إعادته . وكان بعض أهل العربية يقول : نرى أن الصائم إنما سمي سائحاً ، لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل حيث يجد الطعام ، فكأنه أُخذ من ذلك . وقوله : { ثَيِّباتٍ } وهنّ اللواتي قد افترعن وذهبت عذرتهنّ { وأبْكاراً } وهنّ اللواتي لم يجامعن ، ولم يفترعن .