Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-3)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { ن } ، فقال بعضهم : هو الحوت الذي عليه الأرَضُون . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي ظَبْيان ، عن ابن عباس ، قال : « أوّل ما خلق الله من شيء القلم ، فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء ، فخلقت منه السموات ، ثم خلق النون فبسطت الأرض على ظهر النون ، فتحرّكت الأرض فمادت ، فأثبتت بالجبال ، فإن الجبال لتفخر على الأرض » ، قال : وقرأ : { ن والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ } . حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : ثنا إسحاق ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، أو مجاهد عن ابن عباس ، بنحوه ، إلا أنه قال : فَفُتِقَتْ مِنْهُ السموات . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني سليمان ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، قال : « أوّل ما خلق الله القلم ، قال : اكتب ، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، قال : فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة ، ثم خلق النون ، ورفع بخار الماء ، ففُتِقت منه السماء وبُسِطتَ الأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون ، فمادت الأرض ، فأثبتت بالجبال ، فإنها لتفخر على الأرض » . حدثنا واصل بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن فُضَيل ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : « أوّل ما خلق الله من شيء القلم ، فقال له : اكتب ، فقال : وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، قال فجرى القلم بما هو كائن من ذلك إلى قيام الساعة ، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات ، ثم خلق النون فدُحيت الأرض على ظهره ، فاضطرب النون ، فمادت الأرض ، فأُثبتت بالجبال فإنها لتفخر على الأرض » . حدثنا واصل بن عبد الأعلى ، قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس نحوه . حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، أن إبراهيم بن أبي بكر ، أخبره عن مجاهد ، قال : كان يقال النون : الحوت الذي تحت الأرض السابعة . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، قال : قال معمر . ثنا الأعمش ، أن ابن عباس قال : إنْ أوّل شيء خُلق القلم ، ثم ذكر نحو حديث واصل عن ابن فضيل ، وزاد فيه : ثم قرأ ابن عباس { ن وَالقَلم وَما يَسْطُرُونَ } . حدثنا بن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، عن ابن عباس ، قال : إن أوّل شيء خلق ربي القلم ، فقال له : اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، ثم خلق النون فوق الماء ، ثم كبس الأرض عليه . وقال آخرون : { ن } حرف من حروف الرحمن . ذكر من قال ذلك : حدثنا عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : ثنا عليّ بن الحسين ، قال : ثنا أبي ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس { الر ، وحم ، ون } حروف الرحمن مقطعة . حدثني محمد بن معمر ، قال : ثنا عباس بن زياد الباهلي ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قوله { الر ، وحم ، ون } قال : اسم مقطع . وقال آخرون : { ن } : الدواة ، والقلم : القلم . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، قال : ثنا أخي عيسى بن عبد الله ، عن ثابت البناني ، عن ابن عباس قال : إن الله خلق النون وهي الدواة ، وخلق القلم ، فقال : اكتب ، فقال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، من عمل معمول ، برّ أو فجور ، أو رزق مقسوم حلال أو حرام ، ثم ألزم كلّ شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم ، وخروجه منها كيف ثم جعل على العباد حفظة وللكتاب خزاناً ، فالحفظة ينسخون كلّ يوم من الخزان عمل ذلك اليوم ، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر ، وانقضى الأجل ، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم ، فتقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئاً ، فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا قال : فقال ابن عباس : ألستم قوماً عرباً تسمعون الحفَظة يقولون : إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل ؟ . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن وقتادة ، في قوله { ن } قال : هو الدواة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو ، عن قتادة ، قال : النون الدواة . وقال آخرون : { ن } : لوح من نور ذكر من قال ذلك : حدثنا الحسن بن شبيب المكتَّب ، قال : ثنا محمد بن زياد الجزري ، عن فرات بن أبي الفرات ، عن معاوية بن قرّة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ن وَالقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ } : " لوح من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة " وقال آخرون : { ن } : قَسَم أقسم الله به . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { ن وَالقَلَمِ ومَا يَسْطُرُونَ } يُقْسِم الله بما شاء . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله الله : { ن وَالقَلَمِ ومَا يَسْطُرُونَ } قال : هذا قسم أقسم الله به . وقال آخرون : هي اسم من أسماء السورة . وقال آخرون : هي حرف من حروف المعجم وقد ذكرنا القول فيما جانس ذلك من حروف الهجاء التي افتتحت بها أوائل السور ، والقول في قوله نظير القول في ذلك . واختلفت القرّاء في قراءة : { ن } ، فأظهر النون فيها وفي يس عامة قرّاء الكوفة خلا الكسائيّ ، وعامة قرّاء البصرة ، لأنها حرف هجاء ، والهجاء مبني على الوقوف عليه وإن اتصل ، وكان الكسائي يُدغم النون الآخرة منهما ويخفيها بناء على الاتصال . والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان فصيحتان بأيتهما قرأ القارىء أصاب ، غير أن إظهار النون أفصح وأشهر ، فهو أعجب إليّ . وأما القلم : فهو القلم المعروف ، غير أن الذي أقسم به ربنا من الأقلام : القلم الذي خلقه الله تعالى ذكره ، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة . حدثني محمد بن صالح الأنماطي ، قال ثنا عباد بن العوّام ، قال : ثنا عبد الواحد بن سليم ، قال : سمعت عطاء ، قال : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت : كيف كانت وصية أبيك حين حشره الموت ؟ فقال : دعاني فقال : أي بنيَّ اتق الله واعلم أنك لن تتقي الله ، ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده ، والقدرِ خيره وشرّه ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ أوَّلَ ما خَلَقَ اللَّهُ خَلَقَ القَلَمَ ، فَقالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قالَ : يا رَبّ ومَا أكْتُبْ ؟ قالَ : اكْتُبَ القَدَرَ ، قالَ : فَجَرَى القَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كانَ ، ومَا هُوَ كائِنٌ إلى الأبَدِ " حدثني محمد بن عبد الله الطوسي ، قال : ثنا عليّ بن الحسن بن شقيق ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا رباح بن زيد ، عن عمرو بن حبيب ، عن القاسم بن أبي بزّة ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس أنه كان يحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ ، وأمَرَهُ فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ " حدثنا موسى بن سهل الرملي ، قال : ثنا نعيم بن حماد ، قال : ثنا ابن المبارك بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه . حدثنا موسى بن سهل الرملي ، قال : ثنا نعيم بن حماد ، قال : ثنا ابن المبارك بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد قال : قلت لابن عباس : إن ناساً يكذّبون بالقدر ، فقال : إنهم يكذّبون بكتاب الله ، لآخذنّ بشَعْر أحدهم ، فلا يقصَّن به ، إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئاً ، فكان أوّل ما خلق الله القلم ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فإنما يجري الناس على أمر قد فُرِغ منه . حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا أبو هاشم ، أنه سمع مجاهدا ، قال : سمعت عبد الله لا ندري ابن عمر أو ابن عباس قال : إن أوّل ما خلق الله القلم ، فجرى القلم بما هو كائن وإنما يعمل الناس اليوم فيما قد فُرِغ منه . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني معاوية بن صالح وحدثني عبد الله بن آدم ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح ، عن أيوب بن زياد ، قال : ثني عباد بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، قال : أخبرني أبي ، قال : قال أبي عُبادة بن الصامت : يا بنيّ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ أوَّلَ ما خَلَقَ اللَّهُ القَلَمَ ، فَقالَ لَهُ : اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كائِنٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ " حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { ن وَالقَلَمِ } قال : الذي كُتِبَ به الذكر . حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، أخبره عن إبراهيم بن أبي بكر ، عن مجاهد ، في قوله : { ن والقَلَمِ } قال : الذي كتب به الذكر . وقوله : { ومَا يَسْطُرُون } يقول : والذي يخُطُّون ويكتبون . وإذا وُجِّهَ التأويل إلى هذا الوجه كان القسم بالخلق وأفعالهم . وقد يحتمل الكلام معنى آخر ، وهو أن يكون معناه : وسطرهم ما يسطرون ، فتكون « ما » بمعنى المصدر . وإذا وُجه التأويل إلى هذا الوجه ، كان القسم بالكتاب ، كأنه قيل : ن والقلم والكتاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَما يَسْطُرُونَ } قال : وما يَخُطُّون . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { ومَا يَسْطُرُونَ } يقول : يكتبون . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { ومَا يَسْطُرُون } قال : وما يكتبون . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { ومَا يَسْطُرُونَ } : وما يكتبون . يقال منه : سطر فلان الكتاب فهو يَسْطُر سَطْراً : إذا كتبه ومنه قول رُؤبة بن العجَّاج : @ إنّي وأسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا @@ وقوله : { ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ما أنت بنعمة ربك بمجنون ، مكذّباً بذلك مشركي قريش الذين قالوا له : إنك مجنون . وقوله : { وَإنَّ لَكَ لأجْراً غَيْرَ مَمْنُون } يقول تعالى ذكره : وإن لك يا محمد لثواباً من الله عظيماً على صبرك على أذى المشركين إياك غير منقوص ولا مقطوع ، من قولهم : حبل منير ، إذا كان ضعيفاً ، وقد ضعفت منَّته : إذا ضعفت قوّته . وكان مجاهد يقول في ذلك ما : حدثني به محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { غَيْرَ مَمْنُونٍ } قال : محسوب .