Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 4-7)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإنك يا محمد لعلى أدب عظيم ، وذلك أدب القرن الذي أدّبه الله به ، وهو الإسلام وشرائعه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } يقول : دين عظيم . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } يقول : إنك على دين عظيم ، وهو الإسلام . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { خُلُقٍ عَظِيمٍ } قال : الدين . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : سألت عائشة عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن ، تقول : كما هو في القرآن . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ذُكر لنا أن سعيد بن هشام سأل عائشة عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فإن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن . حدثنا عُبيد بن آدم بن أبي إياس ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن سعيد بن هشام ، قال : أتيت عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها ، فقلت : أخبريني عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلقه القرآن ، أما تقرأ : { وإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ } . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جُبير بن نُفَير قال : حججت فدخلت على عائشة ، فسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن . حدثنا عبيد بن أسباط ، قال : ثني أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، في قوله : { وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظِيمٍ } قال : أدب القرآن . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله { وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } قال : على دين عظيم . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : { لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } يعني دينه ، وأمره الذي كان عليه ، مما أمره الله به ، ووكله إليه . وقوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بأَيِّكُمُ المُفْتُون } يقول تعالى ذكره : فسترى يا محمد ، ويرى مشركو قومك الذين يدعونك مجنونا { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } يقول : ترى ويرون . وقوله : { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : تأويله بأيكم المجنون ، كأنه وجَّه معنى الباء في قوله { بأَيِّكُمُ } إلى معنى في . وإذا وجهت الباء إلى معنى « في » كان تأويل الكلام : ويبصرون في أيّ الفريقين المجنون في فريقك يا محمد أو فريقهم ، ويكون المجنون اسماً مرفوعاً بالباء . ذكر من قال معنى ذلك : بأيكم المجنون : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } قال : المجنون . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } قال : بأيكم المجنون . وقال آخرون : بل تأويل ذلك : بأيكم الجنون وكأن الذين قالوا هذا القول وجهوا المفتون إلى معنى الفتنة أو الفتون ، كما قيل : ليس له معقول ولا معقود : أي بمعنى ليس له عقل ولا عقد رأى فكذلك وضع المفتون موضع الفُتُون . ذكر من قال : المفتون : بمعنى المصدر ، وبمعنى الجنون : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } قال : الشيطان . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك ، يقول في قوله : { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } يعني الجنون . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس يقول : بأيكم الجنون . وقال آخرون : بل معنى ذلك : أيكم أولى بالشيطان فالباء على قول هؤلاء زيادة دخولها وخروجها سواء ، ومثَّل هؤلاء ذلك بقول الراجز : @ نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أصحَابُ الفَلَجْ نَضْرِبُ بالسَّيْفِ وَنَرْجُو بالفَرَجْ @@ بمعنى : نرجو الفرج ، فدخول الباء في ذلك عندهم في هذا الموضع وخروجها سواء . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } يقول : بأيكم أولى بالشيطان . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : { بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ } قال : أيكم أولى بالشيطان . واختلف أهل العربية في ذلك نحوَ اختلاف أهل التأويل ، فقال بعض نحوِّيي البصرة : معنى ذلك : فستبصر ويبصرون أيُّكم المفتون . وقال بعض نحويي الكوفة : بأيكم المفتون هاهنا ، بمعنى الجنون ، وهو في مذهب الفُتُون ، كما قالوا : ليس له معقول ولا معقود قال : وإن شئت جعلت بأيكم في أيكم في أيّ الفريقين المجنون قال : وهو حينئذٍ اسم ليس بمصدر . وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : معنى ذلك : بأيكم الجنون ، ووجه المفتون إلى الفتون بمعنى المصدر ، لأن ذلك أظهر معاني الكلام ، إذا لم ينو إسقاط الباء ، وجعلنا لدخولها وجهاً مفهوماً . وقد بيَّنا أنه غير جائز أن يكون في القرآن شيء لا معنى له . وقوله : { إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ } يقول تعالى ذكره : إن ربك يا محمد هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله ، كضلال كفار قريش عن دين الله ، وطريق الهدى { وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدينَ } يقول : وهو أعلم بمن اهتدى ، فاتبع الحقّ ، وأقرّ به ، كما اهتديت أنت فاتبعت الحقّ ، وهذا من معاريض الكلام . وإنما معنى الكلام : إن ربك هو أعلم يا محمد بك ، وأنت المهتدي وبقومك من كفار قريش وأنهم الضالون عن سبيل الحقّ .