Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 21-24)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : فالذي وصفت أمره ، وهو الذي أوتي كتابه بيمينه ، في عيشة مرضية ، أو عيشة فيها الرضا ، فوصفت العيشة بالرضا وهي مرضية ، لأن ذلك مدح للعيشة ، والعرب تفعل ذلك في المدح والذمّ فتقول : هذا ليل نائم ، وسرّ كاتم ، وماء دافق ، فيوجهون الفعل إليه ، وهو في الأصل مفعول لما يراد من المدح أو الذمّ ، ومن قال ذلك لم يجز له أن يقول للضارب مضروب ، ولا للمضروب ضارب ، لأنه لا مدح فيه ولا ذمّ . وقوله : { فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ } يقول : في بستان عال رفيع ، و « في » من قوله { في جَنَّةٍ } من صلة عيشة . وقوله : { قُطُوفُها دَانِيَةٌ } يقول : ما يقطف من الجنة من ثمارها دانٍ قريب من قاطفه . وذُكر أن الذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائماً وقاعداً ، لا يمنعه منه بُعد ، ولا يحول بينه وبينه شوك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء يقول في هذه الآية { قُطُوفُها دَانِيَةٌ } قال : يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { قُطُوفُها دَانِيَةٌ } : دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك . وقوله : { وكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأيَّام الخالِيَةِ } يقول لهم ربهم جل ثناؤه : كلوا معشر من رضيت عنه ، فأدخلته جنتى من ثمارها ، وطيب ما فيها من الأطعمة ، واشربوا من أشْرِبتها ، { هَنِيئاً لَكُمْ } لا تتأذون بما تأكلون ، ولا بما تشربون ، ولا تحتاجون من أكل ذلك إلى غائط ولا بول { بِمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الخالِيَةِ } يقول : كلوا واشربوا هنيئاً : جزاء من الله لكم ، وثواباً بما أسلفتم ، أو على ما أسلفتم : أي على ما قدّ متم في دنياكم لآخرتكم من العمل بطاعة الله في الأيام الخالية ، يقول : في أيام الدنيا التي خلت فمضت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنيئاً بِمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأيام الخالِيَة } إن أيامكم هذه أيام خالية : هي أيام فانية ، تؤدي إلى أيام باقية ، فاعملوا في هذه الأيام ، وقدّموا فيها خيراً إن استطعتم ، ولا قوّة إلا بالله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { بِمَا أسلْفَتُمْ فِي الأيَّام الخالِيَةِ } قال : أيام الدنيا بما عملوا فيها .