Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 28-33)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل الذي أوتي كتابه بشماله : { ما أغْنَى عَنِّى ماليَهْ } يعني أنه لم يدفع عنه ماله الذي كان يملكه في الدنيا من عذاب الله شيئاً { هَلَكَ عَنِّى سُلْطانِيَهْ } يقول : ذهبت عنى حججى ، وضلت ، فلا حجة لي أحتجّ بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، مقال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { هَلَكَ عَنِّى سُلْطانِيَهْ } يقول : ضلت عنى كلّ بينة فلم تغن عنى شيئا . حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطُّفاويّ ، قال : ثنا محمد بن ربيعة ، عن النضر بن عربي ، قال : سمعت عكرِمة يقول : { هَلَكَ عَنِّى سُلْطانِيَهْ } قال : حُجتي . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله { هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ } قال : حُجتي . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله { هَلَكَ عَنِّى سُلْطانِيَهْ } أما والله ما كلّ من دخل النار كان أمير قرية يجبيها ، ولكن الله خلقهم ، وسلطهم على أقرانهم ، وأمرهم بطاعة الله ، ونهاهم عن معصية الله . حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ } يقول : بينتي ضلَّت عني . وقال آخرون : عنى بالسلطان في هذا الموضع : الملك . ذكر من قال ذلك : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { هَلَكَ عَنِّى سُلْطانِيَهْ } قال : سلطان الدنيا . وقوله : { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } يقول تعالى ذكره لملائكته من خزّان جهنم : { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ } يقول : ثم في جهنم أوردوه ليصلى فيها { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً فاسْلُكُوهُ } يقول : ثم اسكلوه في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً بذراعٍ اللَّهٌ أعلم بقدر طولها . وقيل : إنها تدخل في دُبُره ، ثم تخرج من منخريه . وقال بعضهم : تدخل في فيه ، وتخرج من دبره . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن نسير بن ذعلوق ، قال : سمعت نَوْفاً يقول : { فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً } قال : كلّ ذراع سبعون باعاً ، الباع : أبعد ما بينك وبين مكة . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني نسير ، قال : سمعت نوفاً يقول في رحبة الكوفة في إمارة مصعب بن الزبير في قوله { فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً } قال : الذراع : سبعون باعاً ، الباع : أبعد ما بينك وبين مكة . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة ، عن نوف البكالي { فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً } قال : كلّ ذراع سبعون باعاً ، كلّ باع أبعد مما بينك وبين مكة وهو يومئذٍ في مسجد الكوفة . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس . قوله : { فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً فاسْلُكُوهُ } قال : بذراع الملك فاسلكوه ، قال : تسلك في دُبره حتى تخرج من منخريه ، حتى لا يقوم على رجليه . حدثنا بن المثنى ، قال : ثنا يعمر بن بشير المنقري ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَوْ أنَّ رَصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ ، وأشار إلى جمجمة ، أُرْسلَتْ مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ ، وَهيَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، لَبَلَغَتِ الأرْضَ قَبْل اللَّيْل ، وَلَوْ أنَّها أُرْسِلَتْ مِنْ رأسِ السِّلْسِلَةِ لَسارَتْ أرْبَعِينَ خَرِيفاً اللَّيْلَ والنَّهارَ قَبْلَ أن تَبْلُغَ قَعْرَها أوْ أصْلَها " حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن ابن المبارك ، عن مجاهد ، عن جُويبر ، عن الضحاك ، { فاسْلُكُوهُ } قال : السلك : أن تدخل السلسلة في فيه ، وتخرج من دبره . وقيل : { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً فاسْلُكُوهُ } وإنما تسلك السلسلة في فيه ، كما قالت العرب : أدخلت رأسي في القلنسوة ، وإنما تدخل القلنسوة في الرأس ، وكما قال الأعشى : @ إذَا ما السَّرَابُ ارْتَدَى بالأَكَمْ @@ وإنما يرتدي الأكم بالسراب وما أشبه ذلك ، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفة السامعين معناه ، وإنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله . وقوله : { إنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ باللَّهِ العَظِيمِ } يقول : افعلوا ذلك به جزاء له على كفره بالله في الدنيا ، إنه كان لا يصدّق بوحدانية الله العظيم .