Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 145-145)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وكتبنا لـموسى فـي ألواحه . وأدخـلت الألف واللام فـي « الألواح » بدلاً من الإضافة ، كما قال الشاعر : @ والأحْلامُ غيرُ عَوَازِبُ @@ وكما قال جلّ ثناؤه { فإنَّ الـجَنَّةَ هِيَ الـمَأْوَى } يعنـي : هي مأواه . وقوله : { مِنْ كُلّ شَيْءٍ } يقول من التذكير والتنبـيه علـى عظمة الله وعزّ سلطانه . { مَوْعِظَةً } لقومه ومن أمر بـالعمل بـما كتب فـي الألواح . { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } يقول : وتبـيـينا لكلّ شيء من أمر الله ونهيه . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد أو سعيد بن جبـير وهو فـي أصل كتابـي ، عن سعيد بن جبـير فـي قول الله : { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال : ما أمروا به ونهوا عنه . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، بنـحوه . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } من الـحلال والـحرام . حدثنـي الـحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا أبو سعد ، قال : سمعت مـجاهدا يقول فـي قوله : { وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال : ما أمروا به ونُهوا عنه . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس قوله : { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال عطية : أخبرنـي ابن عبـاس أن موسى صلى الله عليه وسلم لـما كربه الـموت قال : هذا من أجل آدم ، قد كان الله جعلنا فـي دار مثوى لا نـموت ، فخطأ آدم أنزلنا ههنا فقال الله لـموسى : أبعث إلـيك آدم فتـخاصمه ؟ قال : نعم . فلـما بعث الله آدم ، سأله موسى ، فقال أبونا آدم علـيهما السلام : يا موسى سألت الله أن يبعثنـي لك قال موسى : لولا أنت لـم نكن ههنا . قال له آدم : ألـيس قد آتاك الله من كلّ شيء موعظة وتفصيلاً ؟ أفلست تعلـم أنه ما أصَابَ فـي الأرْضِ من مُصِيَبةٍ ولا فـي أنْفُسِكُمْ إلا فـي كِتَابٍ مِنْ قَبْل أنْ نَبْرَأَهَا ؟ قال موسى : بلـى . فخصمه آدم صلـى الله علـيهما . حدثنا الـحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهبـاً يقول فـي قوله : { وكَتَبْنا لَهُ فِـي الألْوَاحِ مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ } قال : كتب له لا تشرك بـي شيئاً من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كلّ ذلك خـلقـي ، ولا تـحلف بـاسمي كاذبـاً ، فإن من حلف بـاسمي كاذبـاً فلا أزكيه ، ووقّر والديك . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } . يقول تعالـى ذكره : وقلنا لـموسى إذ كتبنا له فـي الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلاً لكلّ شيء : خذ الألواح بقوّة . وأخرج الـخبر عن الألواح والـمراد ما فـيها . واختلف أهل التأويـل فـي معنى القوّة فـي هذا الـموضع ، فقال بعضهم : معناها بجدّ . ذكر من قال ذلك : حدثنـي عبد الكريـم ، قال : ثنا إبراهيـم بن بشار ، قال : ثنا ابن عيـينة ، قال : قال أبو سعد ، عن عكرمة عن ابن عبـاس : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } قال : بجدّ . حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } قال : بجدّ واجتهاد . وقال آخرون : معنى ذلك : فخذها بـالطاعة لله . ذكر من قال ذلك : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن الربـيع بن أنس ، فـي قوله : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } قال : بـالطاعة . وقد بـيَّنا معنى ذلك بشواهده واختلاف أهل التأويـل فـيه فـي سورة البقرة عند قوله : { خُذُوا ما آتَـيْناكُمْ بِقُوّةٍ } فأغنى ذلك عن إعادته فـي هذا الـموضع . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بأحْسَنِها } . يقول تعالـى ذكره : قلنا لـموسى : وأمر قومك بنـي إسرائيـل يأخذوا بأحسنها . يقول : يعملوا بأحسن ما يجدون فـيها كما : حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بأحْسَنِها } بأحسن ما يجدون فـيها . حدثنـي عبد الكريـم ، قال : ثنا إبراهيـم ، قال : ثنا سفـيان ، قال : ثنا أبو سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عبـاس : { وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بأحْسَنِها } قال : أمر موسى أن يأخذها بأشدّ مـما أمر به قومه . فإن قال قائل : وما معنى قوله : { وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بأحْسَنِها } أكان من خصالهم ترك بعض ما فـيها من الـحسن ؟ قـيـل : لا ولكن كان فـيها أمر ونهي ، فأمرهم الله أن يعملوا بـما أمرهم بعمله ويتركوا ما نهاهم عنه ، فـالعمل بـالـمأمور به أحسن من العمل بـالـمَنْهيّ عنه . القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } . يقول تعالـى ذكره لـموسى إذ كتب فـي الألواح من كلّ شيء : خذها بجدّ فـي العمل بـما فـيها واجتهاد ، وأمر قومك يأخذوا بأحسن ما فـيها ، وانههم عن تضيـيعها وتضيـيع العمل بـما فـيها والشرك بـي ، فإن من أشرك بـي منهم ومن غيرهم ، فإنـي سأريه فـي الآخرة عند مصيره إلـيّ دار الفـاسقـين ، وهي نار الله التـي أعدّها لأعدائه . وإنـما قال : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } كما يقول القائل لـمن يخاطبه : سأريك غداً إلام يصير إلـيه حال من خالف أمري علـى وجه التهديد والوعيد لـمن عصاه وخالف أمره . وقد اختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك ، فقال بعضهم بنـحو ما قلنا فـي ذلك . ذكر من قال ذلك : حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنـي عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } قال : مصيرهم فـي الآخرة . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد مثله . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا مسلـم ، قال : ثنا مبـارك ، عن الـحسن ، فـي قوله : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } قال : جهنـم . وقال آخرون : معنى ذلك : سأدخـلكم أرض الشأم ، فأريكم منازل الكافرين الذين هم سكانها من الـجبـابرة والعمالقة . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } : منازلهم . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { دَارَ الفـاسِقِـينَ } قال : منازلهم . وقال آخرون : معنى ذلك : سأريكم دار قوم فرعون ، وهي مصر . ذكر من قال ذلك : … وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي تأويـل ذلك ، لأن الذي قبل قوله جلّ ثناؤه : { سأُرِيكُمْ دَارَ الفـاسِقِـينَ } أمر من الله لـموسى وقومه بـالعمل بـما فـي التوراة ، فأولـى الأمور بحكمة الله تعالـى أن يختـم ذلك بـالوعيد علـى من ضيعه وفرّط فـي العمل لله وحاد عن سبـيـله ، دون الـخبر عما قد انقطع الـخبر عنه أو عما لـم يجر له ذكر .