Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 14-15)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذه أيضاً جهلة أخرى من جهلاته الخبيثة ، سأل ربه ما قد علم أنه لا سبيل لأحد من خلق الله إليه وذلك أنه سأل النظِرَة إلى قيام الساعة ، وذلك هو يوم يبعث فيه الخلق ، ولو أعطي ما سأل من النظرة كان قد أعطي الخلود وبقاءً لا فناءَ معه ، وذلك أنه لا موت بعد البعث . فقال جلّ ثناؤه له : { إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ } وذلك إلى اليوم الذي قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء لأنه لا شيء يبقى فلا يفنى غير ربنا الحيّ الذي لا يموت ، يقول الله تعالى ذكره : { كُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ المَوْتِ } والإنظار في كلام العرب : التأخير ، يقال منه : أنْظَرتُه بحقي عليه ، أُنْظِرُه به إنْظاراً . فإن قال قائل : فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظار إلى يوم يُبعثون : { إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ } في هذا الموضع ، فقد أجابه إلى ما سأل ؟ قيل له : ليس الأمر كذلك ، وإنما كان مجيباً له إلى ما سأل لو كان قال له : إنك من المنظرين إلى الوقت الذي سألت ، أو إلى يوم البعث ، أو إلى يوم يبعثون ، أو ما أشبه ذلك مما يدلّ على إجابته إلى ما سأل من النظرة . وأما قوله : { إنَّكَ مِنَ المُنْظرِينَ } فلا دليل فيه لولا الآية الأخرى التي قد بين فيها مدة إنظاره إياه إليها ، وذلك قوله : فإنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ على المدة التي أنظره إليها ، لأنه إذا أنظره يوماً واحداً أو أقلّ منه أو أكثر ، فقد دخل في عداد المنظرين وتمّ فيه وعد الله الصادق ، ولكنه قد بين قدر مدّة ذلك بالذي ذكرناه ، فعلم بذلك الوقت الذي أنظر إليه . وبنحو ذلك كان السديّ يقول . حدثني موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { قالَ رَبّ فأنْظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فإنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ } فلم يُنْظِره إلى يوم البعث ، ولكن أنظَرَه إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم ينفخ في الصور النفخة الأولى ، فصَعِق من في السموات ومن في الأرض ، فمات . فتأويل الكلام : قال إبليس لربه : أنظرني أي أخرني وأجِّلْني ، وأنسىءْ في أجلي ، ولا تُمِتْني إلى يوم يُبعثون ، يقول : إلى يوم يُبعث الخلق . فقال تعالى ذكره : { إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ } إلى يوم ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله . فإن قال قائل : فهل أحد منظر إلى ذلك اليوم سوى إبليس فيقال له إنك منهم ؟ قيل : نعم ، من لم يقبض الله روحه من خلقه إلى ذلك اليوم ممن تقوم عليه الساعة ، فهم من المنظرين بآجالهم إليه ولذلك قيل لإبليس : { إنَكَ مِنَ المُنْظَرِينَ } بمعنى : الساعة ، فهم من المنظرين بآجالهم إليه ولذلك قيل لإبليس : { إنَكَ مِنَ المُنْظَرِينَ } إنك ممن لا يميته الله إلا ذلك اليوم .