Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 189-189)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { هُوَ الَّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } . يعنـي بـالنفس الواحدة : آدم كما : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن رجل ، عن مـجاهد : { خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } قال : آدم علـيه السلام . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { هُوَ الَّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } من آدم . ويعنـي بقوله : { وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها } : وجعل من النفس الواحدة ، وهو آدم ، زوجها حوّاء كما : حدثنـي بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها } : حوّاء ، فجُعلت من ضِلَع من أضلاعه لـيسكن إلـيها . ويعنـي بقوله : { لِـيَسْكُنَ إلَـيْها } : لـيأوى إلـيها لقضاء الـحاجة ولذّته . ويعنـي بقوله : { فَلَـمَّا تَغَشَّاها } فلـما تدثرها لقضاء حاجته منها فقضى حاجته منها ، { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } وفـي الكلام مـحذوف ترك ذكره استغناء بـما ظهر عما حذف ، وذلك قوله : { فَلَـمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ } وإنـما الكلام : فلـما تغشاها فقضى حاجته منها حملت . وقوله : { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } يعنـي بخفة الـحمل : الـماء الذي حملته حوّاء فـي رحمها من آدم أنه كان حملاً خفـيفـاً ، وكذلك هو حمل الـمرأة ماء الرجل خفـيف علـيها . وأما قوله : { فَمَرَّتْ بِهِ } فإنه يعنـي : استـمرّت بـالـماء : قامت به وقعدت ، وأتـمت الـحمل . كما : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن أبـي عمير ، عن أيوب ، قال : سألت الـحسن عن قوله : { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً فَمَرَّتْ بِهِ } قال : لو كنت امرأً عربـيًّا لعرفت ما هي ، إنـما هي : فـاستـمرّت به . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : { فَلَـمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا فَمَرَّتْ بِهِ } استبـان حملها . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { فَمَرتْ بِهِ } قال : استـمرّ حملها . حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ ، قوله : { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـاً } قال : هي النطفة . وقوله { فَمَرتْ بِهِ } يقول : استـمرّت به . وقال آخرون : معنى ذلك : فشكّت فـيه . ذكر من قال ذلك . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، فـي قوله : { فَمَرَّتْ بِهِ } قال : فشكت أحملت أم لا . ويعنـي بقوله : { فَلَـمَّا أثْقَلَتْ } فلـما صار ما فـي بطنها من الـحمل الذي كان خفـيفـاً ثقـيلاً ودنت ولادتها ، يقال منه : أثقلت فلانة إذا صارت ذات ثقل بحملها كما يقال : أتـمر فلان : إذا صار ذا تـمر . كما : حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { فَلَـمَّا أثْقَلَتْ } : كبر الولد فـي بطنها . قال أبو جعفر : { دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُما } ، يقول : نادى آدم وحوّاء ربهما وقالا : يا ربنا لئن آتـيتنا صالـحاً لنكوننَّ من الشاكرين . واختلف أهل التأويـل فـي معنى الصلاح الذي أقسم آدم وحوّاء علـيهما السلام أنه إن آتاهما صالـحاً فـي حمل حوّاء لنكوننّ من الشاكرين . فقال بعضهم : ذلك هو أن يكون الـحمل غلاماً . ذكر من قال ذلك . حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنا مـحمد بن ثور ، عن معمر ، قال : قال الـحسن ، فـي قوله : { لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا } قال : غلاماً . وقال آخرون : بل هو أن يكون الـمولود بشراً سويًّا مثلهما ، ولا يكون بهيـمة . ذكر من قال ذلك . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبـي ، عن سفـيان ، عن زيد بن جبـير الـحسمي ، عن أبـي البَخْتري ، فـي قوله : { لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحاً لَنَكُونَنَّ مِن الشَّاكِرِينَ } قال : أشفقا أن يكون شيئاً دون الإنسان . قال : ثنا يحيى بن يـمان ، عن سفـيان ، عن زيد بن جبـير ، عن أبـي البَخْتري ، قال : أشفقا أن لا يكون إنساناً . قال : ثنا مـحمد بن عبـيد ، عن إسماعيـل ، عن أبـي صالـح ، قال : لـما حملت امرأة آدم فأثقلت ، كان يشفقان أن يكون بهيـمة ، { فَدَعَوَا رَبَّهُما لَئنْ آتَـيْتَنا صَالِـحاً … } الآية . قال : ثنا جابر بن نوح ، عن أبـي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال : أشفقا أن يكون بهيـمة . حدثنـي القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال سعيد بن جبـير : لـما هبط آدم وحوّاء ، أُلقـيت الشهوة فـي نفسه فأصابها ، فلـيس إلاَّ أن أصابها حملت ، فلـيس إلاَّ أن حملت تـحرّك فـي بطنها ولدها ، قالت : ما هذا ؟ فجاءها إبلـيس ، فقال : أترين فـي الأرض إلاَّ ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة . ؟ هو بعض ذلك . قالت : والله ما منى شيء إلاَّ وهو يضيق عن ذلك . قال : فأطيعينـي وسميه عبد الـحرث تلدي شِبْهكما مثلكما قال : فذكرت ذلك لآدم علـيه السلام ، فقال : هو صاحبنا الذي قد أخرجنا من الـجنة . فمات ، ثم حملت بآخر ، فجاءها فقال : أطيعينـي وسميه عبد الـحرث وكان اسمه فـي الـملائكة الـحرث وإلاَّ ولدتِ ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة ، أو قتلتُه ، فإنـي أنا قتلت الأول قال : فذكرت ذلك لآدم ، فكأنه لـم يكرهه ، فسمَّته عبد الـحرث ، فذلك قوله : { لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحاً } يقول : شبهنا مثلنا ، { فلـما آتَاهُمَا صَالِـحاً } قال : شِبْههما مثلهما . حدثنـي موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { فَلَـمَّا أثْقَلَتْ } كبر الولد فـي بطنها جاءها إبلـيس ، فخوّفها وقال لها : ما يدريك ما فـي بطنك ، لعله كلب أو خنزير أو حمار ؟ وما يدريك من أين يخرج ؟ أمن دبرك فـيقتلك ، أو من قُبلك ، أو ينشقّ بطنك فـيقتلك ؟ فذلك حين { دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحاً } يقول : مثلنا ، { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } . قال أبو جعفر : والصواب من القول فـي ذلك أن يقال : إن الله أخبر عن آدم وحوّاء أنهما دعوا الله ربهما بحمل حَوّاء ، وأقسما لئن أعطاهما فـي بطن حوّاء صالـحاً لـيكونان لله من الشاكرين . والصلاح قد يشمل معانـي كثـيرة : منها الصلاح فـي استواء الـخـلق . ومنها الصلاح فـي الدين ، والصلاح فـي العقل والتدبـير . وإذ كان ذلك كذلك ، ولا خبر عن الرسول يوجب الـحجة بأن ذلك علـى بعض معانـي الصلاح دون بعض ، ولا فـيه من العقل دلـيـل وجب أن يَعُمّ كما عمه الله ، فـيقال إنهما قالا { لئن آتـيتنا صالـحاً } بجميع معانـي الصلاح . وأما معنى قوله : { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكِرِينَ } فإنه لنكوننّ مـمن يشكرك علـى ما وهبت له من الولد صالـحاً .