Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 18-18)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا خبر من الله تعالى ذكره ، عن إحلاله بالخبيث عدوّ الله ما أحلّ به من نقمته ولعنته ، وطرده إياه عن جنته ، إذ عصاه وخالف أمره ، وراجعه من الجواب بما لم يكن له مراجعته به يقول : قال الله له عند ذلك : { اخْرُجْ مِنْها } أي من الجنة { مَذْءُوماً مَدْحُوراً } يقول : معيباً . والذأم : العيب ، يقال منه : ذأمه يذأمه ذأماً فهو مذءوم ، ويتركون الهمز فيقولون : ذِمْتُه أذيمه ذيْماً وذاماً ، والذأم والذَّيم أبلغ في العيب من الذمّ وقد أنشد بعضهم هذا البيت : @ صَحِبْتُكَ إذْ عَيْنِي عَلَيْها غِشاوَةٌ فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أذِيمُها @@ وأكثر الرواة على إنشاده « ألومها » . وأما المدحور : فهو المُقْصَى ، يقال : دحره يَدْحَره دَحْراً ودُحُوراً : إذا أقصاه وأخرجه ومنه قولهم : ادحر عنك الشيطان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوماً مَدْحُوراً } يقول : اخرج منها لعيناً منفيًّا . حدثنا المثنى ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : مذءوماً : ممقوتاً . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوماً } يقول : صغيراً منفيًّا . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : { اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوما مَدْحُوراً } : أما مذءوماً : فمنفيًّا ، وأما مدحوراً : فمطروداً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { مَذْءُوماً } قال : منفيًّا { مَدْحُوراً } قال : مطروداً . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوماً } قال : منفيًّا ، والمدحور ، قال : المُصغَّر . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن يونس وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، عن ابن عباس : { اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوماً } قال : منفيًّا . حدثني أبو عمرو القرقساني عثمان بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن التميمي ، سأل ابن عباس : ما { اخْرُجْ مِنْها مَذْءُوماً مَدْحُوراً } قال : مقيتاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { اخْرُجْ مِنْها مَذْءوماً مَدْحُوراً } فقال : ما نعرف المذءوم والمذموم إلا واحداً ، ولكن يكون منتقصة ، وقال العرب لعامر : يا عام ، ولحارث : يا حار ، وإنما أنزل القرآن على كلام العرب . القول في تأويل قوله تعالى : { لَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أجْمَعِينَ } . وهذا قسم من الله جلّ ثناؤه : أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوّ الله إبليس وأطاعه وصدق ظنه عليه أن يملأ من جميعهم ، يعني من كفرة بني آدم تبَّاع إبليس ومن إبليس وذرّيته جهنم ، فرحم الله امرءاً كذّب ظنّ عدوّ الله في نفسه ، وخيَّب فيها أمله وأمنيته ، ولم يكن ممن أطمع فيها عدوّه ، واستغشّه ولم يستنصحه . وإن الله تعالى ذكره إنما نبه بهذه الآيات عباده على قِدم عداوة عدوّه وعدوّهم إبليس لهم ، وسالف ما سلف من حسده لأبيهم ، وبغيه عليه وعليهم ، وعرّفهم مواقع نعمه عليهم قديماً في أنفسهم ووالدهم ليدّبروا آياته ، وليتذكر أولو الألباب ، فينزجروا عن طاعة عدوّه وعدوّهم إلى طاعته وينيبوا إليها .