Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 17-17)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى قوله : { لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } من قِبَل الآخرة ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من قِبَل الدنيا ، { وَعَنْ أيمَانِهِمْ } من قِبَل الحق ، { وَعَنْ شَمائِلهمْ } من قِبَل الباطل . ذكر من قال ذلك : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { ثُمَّ لآَتِيَّنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } يقول : أشككهم في آخرتهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في دنياهم { وَعَنْ أيمانِهِمْ } أشبه عليهم أمر دينهم ، { وَعنْ شَمائِلِهِمْ } أشهِّي لهم المعاصي . وقد رُوي عن ابن عباس بهذا الإسناد في تأويل ذلك خلاف هذا التأويل ، وذلك ما : حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } يعني من الدنيا ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من الآخرة ، { وَعَنْ أيمَانِهِمْ } من قِبَل حسناتهم ، { وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } من قِبَل سيئاتهم . وتحقق هذه الرواية الأخرى التي : حدثني بها محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفهِم وعن أيمانهم وَعَنْ شَمائِلِهمْ } قال : ما بين أيديهم فمن قبلهم أما ومن خلفهم فأمر آخرتهم وأما عن أيمانهم : فمن قِبَل حسناتهم وأما عن شمائلهم : فمن قِبَل سيئاتهم . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِم } … الآية ، أتاهم من بين أيديهم ، فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار ، ومن خلفهم من أمر الدنيا ، فزينها لهم ودعاهم إليها وعن أيمانهم : من قِبَل حسناتهم بطَّأهم عنها وعن شمائلهم : زيَّن لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها ، أتاك يا ابن آدم من كلّ وجه ، غير أنه لم يأتك من فوقك ، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله . وقال آخرون : بل معنى قوله : { مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } من قِبَل دنياهم ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } من قبَل آخرتهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } قال : { من بين أيديهم } من قِبَل دنياهم { ومن خلفهم } من قِبَل آخرتهم . { وَعَنْ أيمانِهِمْ } من قِبَل حسناتهم ، { وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } : من قبل سيئاتهم . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن الحكم : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمَانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } قال : { من بين أيديهم } : من دنياهم { ومن خلفهم } : من آخرتهم { وعن أيمانهم } : من حسناتهم { وعن شمائلهم } : من قِبَل سيئاتهم . حدثنا سفيان ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } قال : من قِبل الدنيا يزينها لهم { ومن خلفهم } من قِبَل الآخرة يبطِّئهم عنها { وعن أيمانهم } : من قِبَل الحقّ يصدّهم عنه { وعن شمائلهم } من قِبَل الباطل يرغبهم فيه ، ويزينه لهم . حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُم مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } أما { من بين أيديهم } : فالدنيا أدعوهم إليها وأرغبهم فيها { ومن خلفهم } : فمن الآخرة أشككهم فيها وأبعِّدها عليهم { وعن أيمانهم } يعني الحقّ فأشككهم فيه { وعن شمائلهم } : يعني الباطل أخففه عليهم ، وأرغبهم فيه . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : قوله : { مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ } من دنياهم أرغبهم فيها ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } آخرتهم أكفرهم بها وأزهدهم فيها ، { وَعَنْ أيمَانِهِمْ } حسناتهم أزهدهم فيها ، { وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } مساوىء أعمالهم أحسِّنها إليهم . وقال آخرون : معنى ذلك : من حيث يبصرون ومن حيث لا يبصرون . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قول الله : { مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَعَنْ أيمَانِهِمْ } قال : حيث يبصرون ، { وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } حيث لا يبصرون . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . حدثنا ابن وكيع وابن حميد ، قالا : ثنا جرير ، عن منصور ، قال : تذاكرنا عند مجاهد قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } فقال مجاهد : هو كما قال : يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم . زاد ابن حميد ، قال : يأتيهم من ثَمّ . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا أبو سعد المدني ، قال : قال مجاهد : فذكر نحو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي عاصم . قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : معناه : ثم لآتينهم من جميع وجوه الحقّ والباطل ، فأصدّهم عن الحقّ وأحسِّن لهم الباطل وذلك أن ذلك عقيب قوله : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ } فأخبر أنه يقعد لبني آدم على الطريق الذي أمرهم الله أن يسلكوه ، وهو ما وصفنا من دين الله الحقّ ، فيأتيهم في ذلك من كلّ وجوهه من الوجه الذي أمرهم الله به ، فيصدّهم عنه ، وذلك من بين أيديهم وعن أيمانهم ، ومن الوجه الذي نهاهم الله عنه ، فيزينه لهم ويدعوهم إليه ، وذلك من خلفهم وعن شمائلهم . وقيل : ولم يقل : « من فوقهم » لأن رحمة الله تنزل على عباده من فوقهم . ذكر من قال ذلك : حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصريّ ، قال : ثنا حفص بن عمر ، قال : ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله : { ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بينِ أيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ } ولم يقل : « من فوقهم » ، لأن الرحمة تنزل من فوقهم . وأما قوله : { ولاَ تَجد أكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ } فإنه يقول : ولا تجد رب أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك التي أنعمت عليهم كتكرمتك أباهم آدم بما أكرمته به ، من إسجادك له ملائكتك ، وتفضيلك إياه عليّ ، وشكرهم إياه طاعتهم له بالإقرار بتوحيده ، واتباع أمره ونهيه . وكان ابن عباس يقول في ذلك بما : حدثني به المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلا تَجِدُ أكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ } يقول : موحدين .