Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 201-201)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا الله } من خـلقه ، فخافوا عقابه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه { إذَا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا } يقول : إذا ألـمّ بهم طيف من الشيطان من غضب أو غيره مـما يصدّ عن واجب حقّ الله علـيهم ، تذكَّروا عقاب الله وثوابه ووعده ووعيده ، وأبصروا الـحقّ فعملوا به ، وانتهوا إلـى طاعة الله فـيـما فرض علـيهم وتركوا فـيه طاعة الشيطان . واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله : « طَيْفٌ » فقرأته عامة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة : { طائِفٌ } علـى مثال فـاعل ، وقرأه بعض الـمكيـين والبصريـين والكوفـيـين : « طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطانِ » . واختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي فرق ما بـين الطائف والطيف . قال بعض البصريـين : الطائف والطيف سواء ، وهو ما كان كالـخيال والشيء يـلـمّ بك . قال : ويجوز أن يكون الطيف مخففـاً عن طيِّف مثل ميِّت ومَيْت . وقال بعض الكوفـيـين : الطائف : ما طاف بك من وسوسة الشيطان ، وأما الطيف : فإنـما هو من اللـمـم والمس . وقال آخر منهم : الطيف : اللـمـم ، والطائف : كلّ شيء طاف بـالإنسان . وذُكر عن أبـي عمرو بن العلاء أنه كان يقول : الطيف : الوسوسة . قال أبو جعفر : وأولـى القراءتـين فـي ذلك عندي بـالصواب قراءة من قرأ : { طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ } لأن أهل التأويـل تأوّلوا ذلك بـمعنى الغضب والزلة تكون من الـمطيف به . وإذا كان ذلك معناه كان معلوماً إذ كان الطيف إنـما هو مصدر من قول القائل : طاف يطيف ، أن ذلك خبر من الله عما يـمسّ الذين اتقوا من الشيطان ، وإنـما يـمسهم ما طاف بهم من أسبـابه ، وذلك كالغضب والوسوسة . وإنـما يطوف الشيطان بـابن آدم لـيستزله عن طاعة ربه أو لـيوسوس له ، والوسوسة والاستزلال هو الطائف من الشيطان ، وأما الطيف فإنـما هو الـخيال ، وهو مصدر من طاف يطيف ، ويقول : لـم أسمع فـي ذلك طاف يَطيف ، ويتأوّله بأنه بـمعنى الـميت وهو من الواو . وحكى البصريون وبعض الكوفـيـين سماعاً من العرب : طاف يطيف ، وطفت أطيف ، وأنشدوا فـي ذلك : @ أنَّى ألَـمَّ بِكَ الـخَيالُ يَطِيفُ ومَطافُه لَكَ ذِكْرَةٌ وَشُعُوفُ @@ وأما أهل التأويـل ، فإنهم اختلفوا فـي تأويـله ، فقال بعضهم : ذلك الطائف هو الغضب . ذكر من قال ذلك . حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا : ثنا ابن يـمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد : إذَا مَسَّهُمْ طائِفٌ قال : الطيف : الغضب . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن مـحمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبـي بزَّة ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { إذَا مَسهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطانِ } قال : هو الغضب . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثـير ، عن مـجاهد ، قال : الغضب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قوله : { إذَا مسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا } قال : هو الغضب . حدثنـي مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد ، فـي قول الله : { طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ } قال : الغضب . وقال آخرون : هو اللَّـمة والزلة من الشيطان . ذكر من قال ذلك . حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ بن أبـي طلـحة ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا } الطائف : اللـمة من الشيطان . { فإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ } يقول : نزغ من الشيطان . { تَذَكَّرُوا } . حدثنـي مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا } يقول : إذا زلوا تابوا … قال أبو جعفر : وهذان التأويلان متقاربـا الـمعنى ، لأن الغضب من استزلال الشيطان . واللـمة من الـخطيئة أيضاً منه ، وكان ذلك من طائف الشيطان . وإذ كان ذلك كذلك ، فلا وجه لـخصوص معنى منه دون معنى ، بل الصواب أن يعُمّ كما عمه جلّ ثناؤه ، فـيقال : إن الذين اتقوا إذا عرض لهم عارض من أسبـاب الشيطان ما كان ذلك العارض ، تذكروا أمر الله وانتهوا إلـى أمره . وأما قوله : { فإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } فإنه يعنـي : فإذا هم مبصرون هدى الله وبـيانه وطاعته فـيه ، فمنتهون عما دعاهم إلـيه طائف الشيطان . كما : حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس : { فإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } يقول : إذا هم منتهون عن الـمعصية ، آخذون بأمر الله ، عاصون للشيطان .