Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 202-202)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالـى ذكره : وإخوان الشياطين تـمدّهم الشياطين فـي الغيّ . يعنـي بقوله : { يـمُدّونَهُمْ يزيدونهم } . { ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } عما قصر عنه الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان . وإنـما هذا خبر من الله عن فريقـي الإيـمان والكفر ، بأن فريق الإيـمان وأهل تقوى الله إذا استزلهم الشيطان تذكروا عظمة الله وعقابه ، فكفتهم رهبته عن معاصيه وردتهم إلـى التوبة والإنابة إلـى الله مـما كان منهم من زلة ، وأن فريق الكافرين يزيدهم الشيطان غيًّا إلـى غيهم إذا ركبوا معصية من معاصي الله ، ولا يحجزُهم تقوى الله ولا خوف الـمعاد إلـيه عن التـمادي فـيها والزيادة منها ، فهو أبداً فـي زيادة من ركوب الإثم ، والشيطان يزيده أبداً ، لا يُقصر الإنسيّ عن شيء من ركوب الفواحش ولا الشيطان من مدّه منه . كما : حدثنـي الـمثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالـح ، قال : ثنـي معاوية ، عن علـيّ ، عن ابن عبـاس : { وإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } قال : لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات ، ولا الشياطين تـمسك عنهم . حدثنـي مـحمد بن سعد ، قال : ثنـي أبـي ، قال : ثنـي عمي ، قال : ثنـي أبـي ، عن أبـيه ، عن ابن عبـاس ، قوله : { وإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُم لا يُقْصِرُونَ } يقول : هم الـجنّ يوحون إلـى أولـيائهم من الإنس ، ثم لا يقصرون ، يقول : لا يسأمون . حدثنا مـحمد بن الـحسين ، قال : ثنا أحمد بن الـمفضل ، قال : ثنا أسبـاط ، عن السديّ : { وإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيّ } إخوان الشياطين من الـمشركين ، يـمدّهم الشيطان فـي الغيّ . { ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الـحسين ، قال : ثنـي حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال عبد الله بن كثـير : وإخوانهم من الـجنّ ، يـمدّون إخوانهم من الإنس ، ثم لا يقصرون ، ثم يقول لا يقصر الإنسانُ . قال : والـمدّ الزيادة ، يعنـي : أهل الشرك ، يقول : لا يقصر أهل الشرك ، كما يقصر الذين اتقوا لأنهم لا يحجزهم الإيـمان . قال ابن جريج ، قال مـجاهد { وإخْوَانُهُمْ من الشياطين يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } استـجهالاً يـمدّون أهل الشرك . قال ابن جريج : { وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِـجَهَنَّـمَ كَثِـيراً مِنَ الـجِنّ وَالإنْسِ } قال : فهؤلاء الإنس . يقول الله : { وَإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيّ } . حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى ، قال : ثنـي مـحمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : { وإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } قال : إخوان الشياطين يـمدّهم الشياطين فـي الغيّ ثم لا يقصرون . حدثنا مـحمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبـي نـجيح ، عن مـجاهد : { وإخْوَانُهُمْ } من الشياطين . { يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيّ } استـجهالاً . وكان بعضهم يتأوّل قوله : { ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } بـمعنى : ولا الشياطين يُقْصِرون فـي مدّهم إخوانهم من الغيّ . ذكر من قال ذلك . حدثنا بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وإخْوَانُهُمْ يَـمُدُّونَهُمْ فِـي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ } عنهم ، ولا يرحمونهم . قال أبو جعفر : وقد بـيَّنا أولـى التأويـلـين عندنا بـالصواب ، وإنـما اخترنا ما اخترنا من القول فـي ذلك علـى ما بـيَّناه لأن الله وصف فـي الآية قبلها أهل الإيـمان به وارتداعهم عن معصيته وما يكرهه إلـى مـحبته عند تذكرهم عظمته ، ثم أتبع ذلك الـخبر عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه ، وكان الأولـى وصفهم بتـماديهم فـيها ، إذ كان عقـيب الـخبر عن تقصير الـمؤمنـين عنها . وأما قوله : { يَـمُدُّونَهُمْ } فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته ، فقرأه بعض الـمدنـيـين : « يُـمِدُّونَهُمْ » بضم الـياء من أمددت . وقرأته عامة قرّاء الكوفـيـين والبصريـين : { يَـمُدُّونَهُمْ } بفتـح الـياء من مددت . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا : { يَـمُدُّونَهُمْ } بفتـح الـياء ، لأن الذي يـمدّ الشياطينُ إخوانهم من الـمشركين إنـما هو زيادة من جنس الـمـمدود ، وإذا كان الذي مدّ من جنس الـمـمدود كان كلام العرب مددت لا أمددت . وأما قوله : { يُقْصِرُونَ } فإن القرّاء علـى لغة من قال : أَقْصرت أُقصِر ، وللعرب فـيه لغتان : قَصَرْت عن الشيء ، وأقْصَرْت عنه .