Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 27-27)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : يا بني آدم لا يخدعنكم الشيطان فيبدي سوآتكم للناس بطاعتكم إياه عند اختباره لكم ، كما فعل بأبويكم آدم وحوّاء عند اختباره إياهما فأطاعاه وعصيا ربهما فأخرجهما بما سبب لهما من مكره وخدْعه من الجنة ، ونزع عنهما ما كان ألبسهما من اللباس ليريهما سوآتهما بكشف عورتهما وإظهارها لأعينهما بعد أن كانت مستترة . وقد بيِّنا فيما مضى أن معنى الفتنة الاختبار والابتلاء بما أغنى عن إعادته . وقد اختلف أهل التأويل في صفة اللباس الذي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه نزعه عن أبوينا وما كان ، فقال بعضهم : كان ذلك أظفاراً . ذكر من لم يذكر قوله فيما مضى من كتابنا هذا في ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن عكرمة : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } قال : لباس كلّ دابة منها ، ولباس الإنسان : الظُّفُر ، فأدركت آدم التوبة عند ظفره ، أو قال : أظفاره . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا عبد الحميد الحماني ، عن نصر بن عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : تركت أظفاره عليه زينة ومنافع في قوله : { يَنْزِعُ عنهما لِباسَهُما } . حدثني أحمد بن الوليد القرشيّ ، قال : ثنا إبراهيم بن أبي الوزير ، قال : أخبرنا مخلد بن الحسين ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، في قوله : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } قال : كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما ، وتركت الأظفار تذكرة وزينة . حدثني المثنى ، قال : ثنا الحماني ، قال : ثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } قال : كان لباسه الظفر ، فانتهت توبته إلى أظفاره . وقال آخرون : كان لباسهما نوراً . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن وهب بن منبه : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } : النور . حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، قال : ثنا عمرو ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول في قوله : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوآتِهِما } قال : كان لباس آدم وحوّاء نوراً على فروجهما ، لا يرى هذا عورة هذه ، ولا هذه عورة هذا . وقال آخرون : إنما عنى الله بقوله : { يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِباسَهُما } يسلبهما تقوى الله . ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا مطلب بن زياد ، عن ليث ، عن مجاهد : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } قال : التقوى . حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن ليث ، عن مجاهد : { يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما } قال : التقوى . حدثني المثنى ، قال : ثنا الحماني ، قال : ثنا شريك ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثله . قال أبو جعفر : والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى حذّر عباده أن يفتنهم الشيطان كما فتن أبويهم آدم وحوّاء ، وأن يجرّدهم من لباس الله الذي أنزله إليهم ، كما نزع عن أبويهم لباسهما . واللباس المطلق من الكلام بغير إضافة إلى شيء في متعارف الناس ، هو ما اختار فيه اللابس من أنواع الكساء ، أو غطى بدنه أو بعضه . وإذ كان ذلك كذلك ، فالحقّ أن يقال : إن الذي أخبر الله عن آدم وحوّاء من لباسهما الذي نزعه عنهما الشيطان هو بعض ما كانا يواريان به أبدانهما وعورتهما وقد يجوز أن يكون ذلك كان ظُفُراً ، ويجوز أن يكون نوراً ، ويجوز أن يكون غير ذلك ، ولا خبر عندنا بأيّ ذلك تثبت به الحجة ، فلا قول في ذلك أصوب من أن يقال كما قال جلّ ثناؤه : { يَنْزعُ عَنهُما لِباسَهُما } . وأضاف جلّ ثناؤه إلى إبليس إخراج آدم وحوّاء من الجنة ، ونزع ما كان عليهما من اللباس عنهما وإن كان الله جلّ ثناؤه هو الفاعل ذلك بهما عقوبة على معصيتهما إياه ، إذ كان الذي كان منهما في ذلك عن تشبيه ذلك لهما بمكره وخداعه ، فأضيف إليه أحياناً بذلك المعنى ، وإلى الله أحياناً بفعله ذلك بهما . القول في تأويل قوله تعالى : { إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إنَّا جَعَلْنا الشيَّاطِينَ أولِياءَ للَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ } . يعني جلّ ثناؤه بذلك : إن الشيطان يراكم هو . والهاء في « إنه » عائدة على الشيطان . وقبيله : يعني وصنفه وجنسه الذي هو منه ، واحد جمعه « قُبُل » وهم الجنّ . كما : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : { إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ } قال : الجنّ والشياطين . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ } قال : قبيله : نسله . وقوله : { مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ } يقول : من حيث لا ترون أنتم أيها الناس الشيطان وقبيلَه . { إنَّا جَعَلْنا الشَّياطِينَ أوْلِياءَ للَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ } يقول : جعلنا الشياطين نصراء الكفار الذين لا يوحدون الله ولا يصدّقون رسله .