Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيله لهؤلاء المفترين عليه المكذّبين آياته يوم القيامة ، يقول تعالى ذكره : قال لهم حين وردوا عليه يوم القيامة : ادخلوا أيها المفترون على ربكم المكذّبون رسله في جماعات من ضربائكم { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ } يقول : قد سلفت من قبلكم من الجنّ والإنس في النار . ومعنى ذلك : ادخلوا في أمم هي في النار قد خلت من قبلكم من الجنّ والإنس . وإنما يعني بالأمم : الأحزاب وأهل الملل الكافرة . { كَلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أخْتَها } يقول جلّ ثناؤه : كلما دخلت النار جماعة من أهل ملة لعنت أختها ، يقول : شتمت الجماعةُ الأخرى من أهل ملتها تبرِّياً منها . وإنما عني بالأخت : الأخوّة في الدين والملة وقيل أختها ولم يقل أخاها ، لأنه عني بها أمة وجماعة أخرى ، كأنه قيل : كلما دخلت أمة لعنت أمة أخرى من أهل ملتها ودينها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : { كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أخْتَها } يقول : كلما دخلت أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين يلعن المشركون المشركين واليهود اليهود والنصارى النصارى والصابئون الصابئين والمجوس المجوس ، تلعن الآخرةُ الأولى . القول في تأويل قوله تعالى : { حتى إذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً } . يقول تعالى ذكره : حتى إذا تداركت الأمم في النار جميعاً ، يعني : اجتمعت فيها ، يقال : قد ادّاركوا وتداركوا : إذا اجتمعوا ، يقول : اجتمع فيها الأوّلون من أهل الملل الكافرة والآخرون منهم . القول في تأويل قوله تعالى : { قَالتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ رَبنا هَؤُلاءِ أضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } . وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن محاورة الأحزاب من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة ، يقول الله تعالى ذكره : فإذا اجتمع أهل الملل الكافرة في النار فادّاركوا ، قالت أخرى أهل كلّ ملة دخلت النار الذين كانوا في الدنيا بعد أولى منهم تقدمتها وكانت لها سلفاً وإماماً في الضلالة والكفر لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا : ربنا هؤلاء أضلونا عن سبيلك ودعوْنا إلى عبادة غيرك وزيَّنُوا لنا طاعة الشيطان ، فآتهم اليوم من عذابك الضعف على عذابنا . كما : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن مفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ : قالت أخراهم الذين كانوا في آخر الزمان لأولاهم الذين شرعوا لهم ذلك الدين : { رَبَّنا هَؤلاءِ أضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ } . وأما قوله : { قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمونَ } فإنه خبر من الله عن جوابه لهم ، يقول : قال الله للذين يدعونه فيقولون : ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار لكلكم ، أوّلكم وآخركم وتابعوكم ومتبعوكم ضعف ، يقول : مكررٌ عليه العذاب . وضعف الشيء : مثله مرّة : وكان مجاهد يقول في ذلك ، ما : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكلٍّ ضِعْفٌ } . حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السديّ ، قال الله : { لِكُلَ ضِعْفٌ } للأولى وللآخرة ضعف . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني غير واحد ، عن السديّ ، عن مرّة ، عن عبد الله : { ضِعْفاً مِنَ النَّارِ } قال : أفاعي . حدثني الحرث ، قال : ثنا عبد العزيز ، قال : ثنا سفيان ، عن السديّ ، عن مرّة ، عن عبد الله : { فآتهم عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ } قال : حيات وأفاعي . وقيل : إن الضعف في كلام العرب ما كان ضعفين والمضاعف ما كان أكثر من ذلك . وقوله : { وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } يقول : ولكنكم يا معشر أهل النار ، لا تعلمون ما قدر ما أعدّ الله لكم من العذاب ، فلذلك تسأل الضعف منه الأمة الكافرة الأخرى لأختها الأولى .