Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 15-18)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره : كلا ليس ذلك كذلك ، ليس ينجيه من عذاب الله شيء . ثم ابتدأ الخبر عما أعدّه له هنالك جلّ ثناؤه ، فقال : { إنَّها لَظَى } ولظى : اسم من أسماء جهنم ، ولذلك لم يجز . واختلف أهل العربية في موضعها ، فقال بعض نحويي البصرة : موضعها نصب على البدل من الهاء ، وخبر إن : { نَزَّاعةً } قال : وإن شئت جعلت لظَى رفعاً على خبر إن ، ورفعت { نَزَّاعَةً } على الابتداء . وقال بعض من أنكر ذلك : لا ينبغي أن يتبع الظاهر المكنى إلا في الشذوذ قال : والاختيار { إنَّها لَظَى نَزَّاعَةً للشَّوَى } لظى : الخبر ، ونزاعة : حال قال : ومن رفع استأنف ، لأنه مدح أو ذمّ قال : ولا تكون ابتداء إلا كذلك . والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن { لَظَى } الخبر ، و { نَزَّاعةٌ } ابتداء ، فذلك رفع ، ولا يجوز النصب في القراءة لإجماع قرّاء الأمصار على رفعها ، ولا قارىء قرأ كذلك بالنصب وإن كان للنصب في العربية وجه وقد يجوز أن تكون الهاء من قوله « إنها » عماداً ، ولظى مرفوعة بنزّاعة ، ونزّاعة بلظى ، كما يقال : إنها هند قائمة ، وإنه هند قائمة ، فالهاء عماد في الوجهين . وقوله : { نَزَّاعةً للشَّوَى } يقول تعالى ذكره مخبراً عن لظَى إنها تنزع جلدة الرأس وأطراف البدن والشَّوَى : جمع شواة ، وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلاً ، يقال : رمى فأشوى : إذا لم يصب مَقْتلاً ، فربما وصف الواصف بذلك جلدة الرأس كما قال الأعشى : @ قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لَهُقَدْ جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُهْ @@ وربما وصف بذلك الساق كقولهم في صفة الفرس : @ عبْلُ الشَّوَى نَهْدُ الجُزَارَه @@ يعني بذلك : قوائمه ، وأصل ذلك كله ما وصفت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت ابن عباس عن : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : تنزع أمّ الرأس . حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصوّاف ، قال : ثنا الحسين بن الحسن الأشقر ، قال : ثنا يحيى بن مهلب أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : تنزع الرأس . حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { نَزَّاعَةً للشَّوَىَ } يعني الجلود والهام . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : سألت سعيد بن جبير عن قوله : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } فلم يخبر ، فسألت عنها مجاهداً ، فقلت : اللحم دون العظم ؟ فقال : نعم . قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : لحم الساق . حدثني محمد بن عُمارة الأسديّ ، قال : ثنا قبيصة بن عقبة السُّوائيّ ، قال : ثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : نزاعة للحم الساقين . حدثنا ابن حميد ، قال : مهران ، عن خارجة ، عن قرة بن خالد ، عن الحسن { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : للهام تحرق كلّ شيء منه ، ويبقى فؤاده نضيجاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة ، عن الحسن ، في قوله : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } ثم ذكر نحوه . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { نزَّاعَةً للشَّوَى } : أي نزّاعة لهامته ومكارم خَلْقِهِ وأطرافه . حُدّثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { نَزَّاعَةً للشَّوَى } قال : الشوى : الآراب العظام ، ذاك الشوى . وقوله : { نَزَّاعَةً } قال : تقطع عظامهم كما ترى ، ثم يجدّد خلقهم ، وتبدّل جلودهم . وقوله : { تَدْعُو مَنْ أدْبَرَ وَتَوَلَّى } يقول : تدعو لظَى إلى نفسها من أدبر في الدنيا عن طاعة الله ، وتولى عن الإيمان بكتابه ورسله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { تَدْعُو مَنْ أدْبَرَ وَتَوَلَّى } قال : عن طاعة الله وتولى ، قال : عن كتاب الله ، وعن حقه . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { تَدْعُوَ مَنْ أدْبَرَ وَتَوَلَى } قال : عن الحق . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { تَدْعُو مَنْ أدْبَرَ وَتَوَلَى } قال : ليس لها سلطان إلا على هوانِ مَنْ كفر وتولى وأدبر عن الله ، فأما من آمن بالله ورسوله ، فليس لها عليه سلطان . وقوله : { وَجَمَعَ فأَوْعَى } يقول : وجمع مالاً فجعله في وعاء ، ومنع حقّ الله منه ، فلم يُزَكّ ولم ينفق فيما أوجب الله عليه إنفاقه فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { وَجَمَعَ فأَوْعَى } قال : جمع المال . حدثنا محمد بن منصور الطوسى ، قال : ثنا أبو قطن ، قال : ثنا المسعودي ، عن الحكم ، قال : كان عبد الله بن عكيم ، لا يربط كيسه ، يقول : سمعت الله يقول : { وَجَمَعَ فأَوْعَى } . حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة { وَجَمَعَ فأَوْعَى } كان جموعاً قموماً للخبيث .