Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 18-19)
Tafsir: Ǧāmiʿ al-bayān ʿan taʾwīl āy al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ } { وَأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا } أيها الناس { مَعَ اللَّهِ أحَداً } ولا تشركوا به فيها شيئاً ، ولكن أفردوا له التوحيد ، وأخلصوا له العبادة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبِيَعهم أشركوا بالله ، فأمر الله نبيه أن يوحِّد الله وحده . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن محمود ، عن سعيد بن جُبير { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ } قال : قالت الجنّ لنبيّ الله : كيف لنا نأتي المسجد ، ونحن ناؤون عنك ، وكيف نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك ؟ فنزلت : { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبِيَعهم أشركوا بالله ، فأمر الله نبيه أن يخلص له الدعوة إذا دخل المسجد . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خَصِيف ، عن عكرِمة { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ } قال : المساجد كلها . وقوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يقول : وأنه لما قام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله يقول : " لا إله إلا الله " { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يقول : كادوا يكونون على محمد جماعات بعضها فوق بعض واحدها : لبدة ، وفيها لغتان : كسر اللام لِبدة ، ومن كسرها جمعها لِبَد وضم اللام لُبدة ، ومن ضمها جمعها لُبَد بضم اللام ، أو لابِد ومن جمع لابد قال : لُبَّداً ، مثل راكِع ورُكَّعاً ، وقراء الأمصار على كسر اللام من لِبَد ، غير ابن مُحَيْصِن فإنه كان يضمها ، وهما بمعنى واحد غير أن القراءة التي عليها قرّاء الأمصار أحبّ إليّ ، والعرب تدعو الجراد الكثير الذي قد ركب بعضه بعضاً لُبْدَةً ومنه قول عبد مناف بن ربعيّ الهذليّ : @ صَابُوا بسِتَّةِ أبْياتٍ وأرْبَعَةٍ حتى كأنَّ عليهِمْ جابِيا لُبَدَا @@ والجابي : الجراد الذي يجبي كلّ شيء يأكله . واختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بقوله : { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } فقال بعضهم : عني بذلك الجنّ أنهم كادوا يركبون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا القرآن . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يقول : لما سمعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول ، فجعل يُقرئه : { قُلْ أُوحِيَ إليَّ أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ } حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } كادوا يركبونه حرصاً على ما سمعوا منه من القرآن . قال أبو جعفر : ومن قال هذا القول جعل قوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ } مما أوحي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيكون معناه : قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجنّ ، وأنه لما قام عبد الله يدعوه . وقال آخرون : بل هذا من قول النفر من الجن لما رجعوا إلى قومهم أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، وائتمامهم به في الركوع والسجود . ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن معمر ، قال : ثنا أبو مسلم ، عن أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قول الجنّ لقومهم : { لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : لما رأوه يصلي وأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ، قال : عجبوا من طواعية أصحابه له قال : فقال لقومهم لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : كان أصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يأتموُّن به ، فيركعون بركوعه ، ويسجدون بسجوده . ومن قال هذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس وسعيد فتح الألف من قوله : « وأنه » عطف بها على قوله : { وأنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا } مفتوحة ، وجاز له كسرها على الابتداء . وقال آخرون : بل ذلك من خبر الله الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم لعلمه أن الإنس والجنّ تظاهروا عليه ، ليُبطلوا الحقّ الذي جاءهم به ، فأبى الله إلا إتمامه . ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : تلبدت الإنس والجنّ على هذا الأمر ليطفئوه ، فأبى الله إلا أن ينصره ويمضيه ، ويظهره على من ناوأه . حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله { لِبَداً } قال : لما قام النبيّ صلى الله عليه وسلم تلبَّدت الجنّ والإنس ، فحرصوا على أن يطفئوا هذا النور الذي أنزله الله . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : تظاهروا عليه بعضهم على بعض ، تظاهروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن قال هذا القول فتح الألف من قوله « وأنه » . وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال : ذلك خبر من الله عن أن رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم لما قام يدعوه كادت العرب تكون عليه جميعاً في إطفاء نور الله . وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالصواب لأن قوله : { وأنَّه لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ } عقيب قوله : { وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ } وذلك من خبر الله فكذلك قوله : { وأنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ } وأخرى أنه تعالى ذكره أتبع ذلك قوله : { فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً } فمعلوم أن الذي يتبع ذلك الخبر عما لقي المأمور بأن لا يدعو مع الله أحداً في ذلك ، لا الخبر عن كثرة إجابة المدعوين وسرعتهم إلى الإجابة . حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : { وأنَّهُ لَما قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ } قال : لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « لا إله إلا الله » ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تكون عليه جميعاً . حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن رجل ، عن سعيد بن جُبير في قوله : { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : تراكبوا عليه . حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد بن جبير { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : بعضهم على بعض . حدثني عليّ ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يقول : أعواناً . حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال جميعاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } قال : جميعاً . حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد { كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } واللبد : الشيء الذي بعضه فوق بعض .